نصوص أدبية

شبقُ القرى

من أين لي أن أجيءَ

بما يلزمُـني للوصولِ إليكِ

كلُّ الدروبِ لها ثيمةٌ واحدةْ.

jaber alswdani

شبقُ القرى / جابر السوداني

 

للشعرِ روحٌ لا تـمـلُّ

النشـيـجْ.

ولي محضُ انكساري قديمْ.

أورثني الحماقـةَ

جـزاءً بما أسـرفـتُ،

وما كان مني.

حينَ شطّتْ بي الخطـى

ذاهبةً عـن سـوءِ قصـدٍ

للهلاكِ المبينْ.

وعلمني إن الركونَ لليأسِ ذلةٌ

وإن الخطى التي لا تعرفُ

الـدربَ

تقتاتُ صبـرَ الراكضيـنْ.

تعالي أبادلكِ احتراقي المميتَ

بالبلادةِ الباردةْ.

إنها سُـنَّـةُ البقاءِ للأخيرْ.

من أين لي أن أجيءَ

بما يلزمُـني للوصولِ إليكِ

كلُّ الدروبِ لها ثيمةٌ واحدةْ.

والعسسُ المقيمونَ على منافذِ

الإيابِ يعرفونَ سماتِ

وجهـي مـن سنيـنْ.

وكيفما أروغُ

تذودُني السياطُ عنكِ والعصي

سأخلعُ على بابِـكِ الموصدِ

هـذا المساءُ بيعتي

وأنسلُّ خلسـةً إلى فنائـكِ

مـع الفجـرِ والوافديـنْ.

زرافاتٍ من كلِ حدبٍ ينسلونْ.

ماكرةٌ وجوهُهم وماكرٌ أنا

راوغـتُ المنايـا ذاتَ حـماقـةٍ

وأفضيـتُ منهـا سالمـاً

إلى منيتي المـؤجلـةْ.

حتى الرصاصاتِ

التي ترصدتْ نهـرَ دمـي

ملتْ متابعةَ الطريقْ.

والحبالُ التي تشهتْ نبضَ عنقي

تهرءَ نسيجُها الآنَ فجأةً وماتْ.

يا أنتِ يا ديدنَ السخاةِ الأكرمينْ.

أمهليني مقدارَ حماقةٍ أخرى

ووجـعٍ أنيـقْ.

سأقرعُ أبوابَ الهلاكِ

متقحماً غمارَ الأماني العصيةِ

لعلي أبوءُ

وانا في أرذلِ العمرِ

بـما أشتهي

وأمـدُّ لكِ الصبرَ بساطاً

كما تشتهيـنْ.

لا حـلـمَ لي

يأخذُ زمامَ خطوي عنوةً للنعيمْ.

ولا برداً سماويَّ الهـوى

يقيني احتراقي على يديكِ مرةً

ولا استفاقتْ جفوني

من غفوةِ الغيهبِ السحيق.

 

 

في نصوص اليوم