نصوص أدبية

الجائع

akeel alabodيقف كل يوم ممسكا بقطعة كارتون داكنة كتب عليها I am hungry. مفترق الطريق عبارة عن تقاطع يؤدي الى اتجاهات مختلفة.  فاليمين المتجه الى الامام يؤدي الى الغرب، والشمال المتجه الى الخلف يؤدي الى الشرق، وما بين الشرق، والغرب يتفرع الشمال، والجنوب على مصراعيهما ليطلا معا عند فتحة مؤداها تلك النقطة المخصصة لهذا الواقف.

 بعض المارة من أهل السيارات يتوقفون عنده، لعلهم يفلحون في اعطائه بعض الأوراق النقدية التي لا تزيد قيمة أكثرها على فئة الدولار، اوالخمسة دولارات في بعض الأحيان.

حاول صاحبي ان ينظر الى تقاطيع وجهه، تلك التي كأنها ملبدة بتجاعيد تحكي عن قصة هنا، واُخرى هناك؛ حكايات شتى تمتد على شاكلة خطوط تشبه تلك الالتفافات التي تتوزع على سيقان الأشجار، ليشار بها الى عمر الشجرة هذه، اوتلك.

لذلك قياسا تجد ان الملامح التي تركت اثارها على وجه الرجل لا تخلو من علامات بها يستدل على مساحة المعاناة التي تعرض لها طوال حياته، حيث لكل مسحة من مسحات هذه التجاعيد حدث ما، وبقدر هذا الحدث، اوذاك، تترتب المعاناة التي ملاكها هذه الخطوط اوالبصمات من الاحزان.

الا ان ثمة حاجز خفيف، اوحاجب ربما يحول دون اكتشاف اسرار تلك الملامح التي تنبض معاناتها عبر خطوط تشبه تلك التعرجات المنصهرة مع امتداد ساق شجرة تتدلى تفرعاتها عند بقعة ما من عراء ممتد.

هذا الحاجز يشبه شال، اوربطة عنق يرتديها المعنيون بإظهار نوعا من الاناقة الخاصة بارتداء هذه البدلة، اوتلك، ما يجعل مظهر صاحب ذلك الملبس اكثر زهوا ووقارا.

هنا بالقياس، ابتسامة هذا الرجل وطريقة امتنانه، اوتعبيره عن رد الجميل يزين بعض الأوجاع بلبوس من نوع ما، ما يجعله يشار به الى الرضا، والاطمئنان.

لذلك بقي صاحبي يحاور نفسه متسائلا عن طريقة مناسبة للإبحار في اسرار تلك التجاعيد التي بقيت امام ناظريه ماثلة تستهوي المتمعن بالتامل، لكانها وبطريقة ما تحثه لان يتجاوز حواجز تلك الممرات المحاطة بأزمنة خابت مقاطعها، لتعلن مع ذلك المصير رحل اوجاعها المزمنة.

التجاعيد، تفاصيلها كما لو انها أسلاك شائكة تقطع بين هذه البقعة من الارض، وتلك، ما يجعلها تحول دون الوصول الى حقيقة هذا الرجل، هي تشبه  بعض الأحيان اتجاهات ذلك المكان التي في انفتاحها على الاتجاهات الأربعة تطل على حكايات وتاريخ هذه المدينة اوتلك.

الالم الذي في نفس الرجل يبدو كما لو انه من الشدة، ما يجعل صاحبه يحتاج الى المساعدة- وهذا كما يبدو، وبحسب ما تم تدوينه في دفتر مذكرات الشاهد، هو مفتاح الأزمة التي جعلت من الرجل يمد يده، ذلك تخلصا من هستيريا الجنون التي قد تقتلعه نحو قبو لا يرى فيه احد.

لذلك صاحبي، قرر ان يساعد هذا البائس بطريقة تكاد ان تكون اكثر اقترابا منه، لعله يمسك ذات يوم بمفتاح أبواب هذه المملكة، التي تخبئ خلف اسوارها اسرار هذه الابتسامة التي تكاد ان تكون حائلا دون اكتشاف حقيقتها. 

عقيل العبود/ساندياكو

في نصوص اليوم