نصوص أدبية

حين تختنقُ المسافات

تعبتُ من المدِّ الذي

اجتاحَ شواطئي حاملاً

أحقادَ العُصور ..

atif aldarabsa

حين تختنقُ المسافات / عاطف الدرابسة

 

قلتُ لها:

أقرعُ أجراسَ العُمرِ

إيذاناً بالرّحيل الأخير ..

لا طريقٌ سالكةٌ ..

ولا فضاءٌ مفتوح ..

وجزرُ الأحلامِ أوهامٌ ..

وأرضُ الضّوء

تزدحمُ بأشباح الورود ..

وأنا العالقُ كالغيمِ

بينَ فكّي الرّيح

أبتكرُ الألحانَ والمفردات ..

لأبني أعمدةً من نور ..

وأرسمُ بريشةِ الصّمت

أحزانَ الشّعوب ..

 

يا حبيبةُ ..

أتصدّى للسّهامِ المسمومةِ

بالدّموع ..

هل تفهمينَ ما تقولهُ الدُّموع للعيون ؟

اصغي معي لصوتِ الرّبِ

في خُشوع ..

اصغي لهذا الجّوع

في طيّاتِ الدّمعِ

يختفي الصّوت

في شقوق الأحزان ..

أفقدُ الصّواب

والتّرابُ الذي يعلو الأغصان

كان من عظامي ..

حينَ هي العظامُ

رماد ..

أمواجُ تلحقُ أمواجاً ..

والبحرُ يضيق ..

هل لي برئةٍ تحملُ ما يرميهِ البحرُ

من سُموم ..

تعبتُ من رحلةِ الكواكبِ في دمي ..

تعبتُ من المدِّ الذي اجتاحَ شواطئي حاملاً

أحقادَ العُصور ..

أيُّها الحبُّ الآخذُ في الانحسار

كعاصفةِ غُبار ..

أما قرأت في سفر النّهايات :

كيفَ تختنقُ المسافات ؟

 

يا حبيبةُ ..

صحراؤكِ المُشبعةُ بالأحقاد

تبتلعُ ما تبقّى من عمريَ الشّقي

كبركان ..

تطوي الليلَ ..

وتطوي الأحلامَ والفرح

ورقصةَ القمر

حينَ طافَ حولنا القمر ..

 

يا حبيبةُ ..

من وحي لغةِ الأشجارِ ..

من الأُغنياتِ ..

من اسمي ..

من دمي ..

من وجعِ الفراشاتِ

حينَ تحترقُ الفراشات ..

سميّتُكِ أقدسَ الأسماء ..

لم يبقَ من اسمكِ إلّا حرفان :

حرفٌ

أمحو بهِ ملامحَ الأحلام ..

وحرفٌ

أرتقُ بهِ جِرحَ الكلام ..

 

.د. عاطف الدرابسة

 

 

في نصوص اليوم