نصوص أدبية

الشحنة

akeel alabodوٓقفٓ عند الواجهة الزجاجية المؤدية اِليها ينتظرُ دورهُ، لم يكنْ هنالكٓ من الواقفينٓ الا شٓخصاً واحداً كانٓ خَلفهُ.

الواجهةُ الأمامية، تشغٓلها نفس هذه التي عمرها لْٓم يعدُو العشرين، اضافة الى مساعدة صيدلانية اخرى كانت تقفُ بجانِبها.

هُنّ مجموعة موظفات يعملنّ على شاكلةِ طاقم واحد في الصيدلية المذكورة.

عيناها مشغولتان بشاشةِ الحاسوب، رغم انها لم يبدو على ملامحِ وجهها ما يشير الى جدية هذا الانشغال، زميلتها  التي بجانبها انتهت من موضوع المُراجِع الذي كان قد اَكمل إجابته على المعلومات المناسبة لتحضير الدواء، لذلك ما ان انتهت مِنْهُ حتى توجهت بالسؤال الى هذا الواقف، لتمشيته بحسب الدور، بينما في ءٓان واحد وبعد ان تاكدت تلكٓ التي ما زالت ربما لم تبلغ العشرين من انصراف ذلك الواقف نحو زميلتها، حتى انصرفت عن انشغالها بجهاز الحاسوب، ونادت لتلبية طلب الشخص الذي كان يقف خلفه.

ٓاما الواقفُ فقد كان قد تنفس الصعداء، لانه لم يكن يرغب ان يسال ذات الفتاة عن دوائه، وإعطاء معلوماته اليها، كما لو انه يسعى لان يتجنب طريقتها الاستفزازية في الأسئلة.

فهي نفسها سألته ذات يوم عن عنوانه للمرة الثانية، وكأنها ستمنحه شيئا كبيرا، قبل ان تسلمه وصفة الدواء، والتي هي عبارة عن ثلاثين حبة من ال levothroxine الخاص بالغدة الدرقية، وسعر العلبة لا يتجاوز العشرة دولارات.

 كانت طريقتها كما تبدو بالنسبة غير لائقة، وسؤالها كما لو ان الواقف أمامها غير موثوق به، آحس بالامتعاض في حينها، باعتبار ان جميع طاقم العمل الذي كان معها ينظر اليه بوقار وثقة.

 هذا الامتعاض راح يفسرهُ على انه نوع من التنافر، والذي يٓلد منذ اللحظة الاولى، ما يسمى انطباعا، حيث؛

وقفتها، طريقة حديثها، اصفرار وجهها، اساريرها، تسريحة شعرها، حركة أصابعها، نبرة صوتها، نظراتها، بل جميع ما يبدو له يعد انعكاسا لطبيعة مشاعرها المتسربة من الداخل الى الخارج.

ما يسمى بالصورة التي يلتقطها الانسان عبر محاورة هذا الداخل، الذي كأنهُ يتكلم بحثاً عن طريقة ما، يعبر بها عن كينونته، لعله يجد فضاءً مناسبا يتفاعل معه، هذا التفاعل يشبه نظام الشحنات المتنافرة، اوالمتجاذبة، وهذا ما حدث تماما مع صاحبي منذ اللحظة الاولى. 

تحدث مع نفسه عن سر هكذا نوع من المشاعر، دفعتهُ الصورة  التي آجاد في رسمها الى البحث عن مشاهد جديدة. 

محاضراتهُ التي تتعلق بموضوع الاسترولوجي، وعلاقة ذلك بالاسترونومي، وشخصيات الكواكب، ومداراتها، والأبراج وبعض الأمور التي تختص بها فيزياء الروح، لا تخلو في علاقتها مع تقاطعات، وتجاذبات فلكية، تدخل في بايولوجيا الخلية، وما يتعلق منها بِإٓبعاد المسافات بين الكواكب، وطبيعة كل منها ومدٓارٓاتها،

هذا التجاذب، والتقاطع يجعل الانسان متنافرا مع ذلك الصنف من البشر تارةً، ومتجاذبا مع الصنف الثاني تارةً اخرى.

حيث انك احيانا يجْتذبكَ الاخر، الذي لم تكن تعرفه سابقاً، فتجد نفسك متلهفا للحوار معه، وكأنكَ تعرفهُ منذ زمان قبل الزمن الذي تعرفت فيه عليه،

وبعكسه احِيانا اُخرى ترى نفسك تنفر من شخصية لا تربطك علاقة سابقة معها.

هي كآنما شحنات تدور في عالم ذري، مكوناته تشبه قوى المغناطيس، وتلك القوى تكادُ ان تتالفَ، او تنفرَ، كانما تلد معك في عالمك بطريقة أزلية، مثلما تلد مع الاخرين في عوالمهم، ولذلك ومن خلالها تجد نفسك تلتقي مع فلان، وتنفر من فلان.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في نصوص اليوم