نصوص أدبية

القصيدة المتوحشة

وتدفقَت المفردات

كما لو أنّها حبّاتُ خرز

في عقد انفرط إذ التقينا.

rita oda

القصيدة المتوحشة /  ريتا عودة

 

الحياة قصيدة

لكنّها..

قد تكونُ أحيانًا

مُتَوَحشة

*

كأنّني

وُلدْتُ يومًا توأمًا.

نِصْفُهُ الأوَّل

أنا

نِصْفُهُ الثّاني:

أنتَ

*

يُشبهُني:

كأنّنا نصفانِ

ملتصقانِ

لذاتِ الرّغيف

-1-

كنتُ أجلس على صخرة  قرب البحر .

أجلسُ ككلّ مساء...وحيدة .

فإذا بي ألمحُ طيفا يخرجُ إليّ من بين الأمواج.

يقترب..يقترب..

ومع كلّ خطوة ..

يشعلُ في روحي قنديلا.

ثمّ..

التقى ظّلانا.

وتدفقَت المفردات كما لو أنّها حبّاتُ خرز في عقد انفرط إذ التقينا.

= مساؤك.

جاء صوته ك خرير مياه كثيرة.

- مساء ريتا غير.

= بيني وبين جنون ريتا ..قصيدة.

- كن أنت القصيدة.

= سأسبح في بحار عينيكِ.

- حذار..فتياراتُ بحاري..عالية الموجِ.

= لا أخشى الغَرَق.

- إذن ..تعال إلى حلمي.

= يا ريت!

- أحبّ مَن يأخذني إلى لغتي.. مَن يدخُل مرآتي ..ليعرفَني.

= أخاف من هذه العلاقة.

- بدأتَ تتقهقر!

= وراء أسوار مملكتك جنون هادر.

- إذن كُن بمستوى هذا الجنون.

= قوانين جاذبية روحك رهيبة.

- الأرانب لا تليق باللبؤة.

= أنتِ تجمعين بين اللبؤة في شراستها والفَرَاشَة في رقّتها.

- أنا كلّ التناقضات.

= تعال

- خذني اليك.

= إذن...عليكِ أن تكوني قصيدة متوحشة.

- أنا القصيدة التي لم تُكتب بَعْد..فمن أنت؟

= أنا الجنون.

- ...............................وأنا جنونك.

= تعالي.

-لا أذهب لأحد. خذني إليك.

= أحببتُ روحَكِ.

- منذُ أشرقَ وجهك أمام عينيّ أدركتُ أنك مختلف.

= كيف أختلف عن سواي؟

- سمعتُ صوت أجراس كنائس تقرع داخل قلبي احتفاءً بإطلالتك؟ سمعتُ التكبير من المآذن.

=أحبّ أن أتوغل عميقا في أدغال روحك.

-ألا تخشى التّورط بي ؟

=لا أخشى التّورّط.

- ربما تندم.

=لا أندم على اختياراتي.

عيناكِ منارتان وقلبي سفينة معذبة في العاصفة.

عيناكِ بثتا ذبذباتٍ أتت بي إليكِ.

مجنونةُ الأملِ أنتِ.

بل..

مجنونتي الجميلة.

- لقد تأخرتَ دهرا. أين كنت طيلة هذا الوقت

=كنت في انتظارك؟ في انتظار أن تحرريني من قمقم أفكارك.

صَمَتَ.

راقبَ بحذَرٍ برقَ ورعدَ عينيّ.

همسَ :

أكتبي ما رأيتِ في رواية. أكتبي ما هو كائن.. وما هو عتيد أن يكون بعد هذا.

سأذهب الآن مع الأمواج الهادرة لعمق البحر..

لكنني.. أعدك بعودة.

لن أتباطأ عن وعدي كما ستحسبين التباطؤ لكنني أتأنى.

في وقته أُسْرعْ بهِ.

انتظري عودتي انتظارا.

اكتئبي.

نوحي.

ابكِ.

اختنقي.

لن أعود.

فقط..

عندما

تتنفسينني

عشقا..

ستجدينني

طوعَ

حلمك

*

نظرتُ حولي.

اختفى!

حدّقتُ في البحر.

كان الزبدُ صاخبا.

بحثت له على أثر.

هكذا بلمح البَصَر ... اختفى..!

لم يترك إلا رائحة بخور تصاعدتْ من حولي وأخذتني في دوّامة.

اختفى..!))

ردّدتُها بضعفٍ أنثويّ.

أدركتُ أنني سأبقى محكومةً بأملِ أن يعودَ إلى هذه الصخرة.

أخذتُ أتابعُ حركةَ الأمواجِ والسؤال يتناسل في رأسي من السؤال:

كيف.. في غمضة حلم.. حصل ذلك التلاقح الرّوحي والإنصهار العشقي والتفاعل الجنوني بيننا؟

آآآه!

اختفى ..!

تراه كان وهما أم حقيقة!

آآآآآآآآآآآه!

اختفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى..!

أدركتُ أنني سأعود كلّ مساء الى هذي الصخرة بعد عودتي من عملي في رعاية المسنين في المستشفى.

سأعود ...

عندما تهدأ أصواتُ مدافع الحرب ويلجأ اللاجئون إلى خيامهم.. وأحلامهم المجهضة ..

خيمة.. خيمة..

سأعود.

يتملكني احساس قويّ أنَّه لا بُدّ عائد.

 

في نصوص اليوم