نصوص أدبية

طبيبة الأسنان

akeel alabodنحيفة برشاقة ممشوقة، لم تكن كبيرة كما يبدو، بقدر خبرتها، فهي بهيئة طالبة جامعية تدرس في كلية الطب احضرت عدتها، لعلها تتعلم ربما معلومة جديدة.

البدلة التي ترتديها؛ الصدرية البيضاء، مع حذاء الصندل يجعل منها اكثر جمالا، مما يذهب اليه الميالون الى ارتداء الازياء الخاصة بالمظاهر البراقة، هذه التي يتنافس اليوم على شرائها معظم الموظفين، والموظفات تقليدا لكبارهم كما يبدو.

لا يوجد على ملامح وجهها ما يشير الى مظاهر المكياج اوالتجميل.

شئ واحد فقط، يشير الى عالم متكامل من الرضا، والسعادة، خطواتها الواثقة، كما لو انها تنتظر استبيان ملاحظة هنا، واُخرى هناك،  ذلك ربما لكي تتمكن من اضافة ملاحظات جديدة الى صفحات سجلها العبقري، عبر شاشة تلفاز عبرها ومن خلال  code معين، تستطيع، كما غيرها من اصحاب الخبرة، الغوص عند أعمق نقطة من نقاط البحث، اوالاكتشاف.

لم تنبس الا بكلمة hello، ربما لكي يتاح لها المجال لمتابعة أشعات الأسنان المتكررة، وذلك يحتاج الى وقت كبير حتماً.

الطبيبة المساعدة في العيادة نفسها، اكملت عمليتي تنظيف عميق لاسنانه، ذلك لكي يتسنى لها رؤية التجاويف، وبعض المناطق المصابة من اللثة، هكذا قالت.

علقت عينيها عند جهاز الحاسوب، المرتبط باجهزة الكاميرا الخاصة بالأشعة، بينما المريض يتكئ على الكرسي الخاص بفحص الأسنان، وهو عبارة عن سرير ممتد قابل للحركة وفقا للمساحة التي يشغلها اي مراجع اثناء الفحص، حيث يتاح له ولغيره لان يخضعا للسيطرة الخاصة بإجراء عملية الفك.

 " الضرس الكائن عند منتصف الزاوية السفلى من الفك يحتاج الى عملية، فهو ملتف بطريقة معقوفة بحسب الأشعة وفيه infection، سأحيلك على طبيب أخصائي بهذا النوع من الأضراس". ترجم قولها عاى عجالة.

 قالت له ذلك، واسترسلت لمتابعة باقي الصور الشعاعية، بحثا عن إصابات، او مشاكل لثوبة مستعصية، ربما هي على نمط تلك التي تداركتها قبل مدة مضت، عندما أبلغته بان الضرس الثاني لم يتم زراعته والعمل، عليه بطريقة ناجحة من قبل الطبيب السابق.

احس بشئ ما يدور في رأسه، راح يردد مع نفسه الطبيب السابق، الطبيب السابق، لم يكن طبيبا هذا الذي اسمه الطبيب السابق، فهو مجرد كما يبدو ملاكَّا لعيادة، وظف فيها بعض الملامح التي تجيد الفنون الخاصة بإغراءات ال business، لذلك صاحبي انصرف عنه، بحثا عن طبيب يوفي بحق مهنته. 

هي نفسها التي أرسلته قبل أشهر مضت الى أخصائي اخر، لقلع الضرس الذي سمته nineteen، ادرك ان هنالك اختصاصات متعددة لأطباء الأسنان، فلكل حالة، اجراء يختلف عن غيره.

ادرك ان الطبيبة التي تعالجه الان هي من استطاعت ان تجد الحلول المقنعة لمعالجة اسنانه. 

راح يؤرشف كيانها داخل دفتر مذكراته؛  قليلة الكلام، دقيقة في البحث عن التفاصيل، ما جعله، كما غيره من المراجعين، يشعر بالاطمئنان، بعكس الطبيب ذلك، الذي لم يقدر ان يعالج سوى حشوة ضرس واحدة، سقطت فيما بعد، واستبدلها بغيرها عند طبيب اخر.

راح مستأنفا تساؤلاته كما لو انه يقوم بمقارنة بين الطبيبة التي تعالجه الان، وطبيبه السابق.، ترى من ذَا الذي يجعل هذا الطبيب، ناجحا، وذلك فاشلا؟  راوده هذا السؤال عندما كان مستلقيا ينتظر دوره.

قلة الكلام هو الطريق كما يبدو الى استثمار الوقت لغرض التركيز، فصاحب العمل يكون اكثر إبداعا من غيره، عندما يصبح تركيزه مع أدوات عمله، ما يجعله حريصا على الوقت، أما حب المهنة هذا، فلم يأتِ الا بالممارسة، والصبر، والإتقان.

فالطبيبة كانت سعيدة بعد اجراء كل عملية، متفانية، إذن! 

لقد ادرك صاحبي اكثر من ذي قبل، معنى ان يتعلم الانسان شروط المهنة، لكي يكون سعيدا ومُبدعا، لذلك قيل" العمل شرف" نعم هو شرف، لانه الطريق الى الصدق، والاستقامة، والاخلاص، والعلم، والتجربة، والابتعاد عن الكذب، والغش،  والخيانة، والحسد، والنفاق.

 حب العمل هو الطريق الذي يجعلنا اكثر ارتباطا بالحياة، فبه ننجز الأشياء بطريقة ناجحة، وبه نشعر بمعنى وجودنا؛

 نعم هو الأمل الذي نسير بمحاذاته؛ نمسك خيوط السعادة، هذه التي بها نفهم معنى الحقيقة.

 

عقيل العبود/ ساندياكو  

 

في نصوص اليوم