نصوص أدبية

مرثية لعاشق الأرض والزيتون

إلى روح الشاعر الراحل

 محمود درويش

في ذكرى وفاته

jafar almuhajir

مرثية لعاشق الأرض والزيتون / جعفر المهاجر

 

مقدمه:

ولد من رحم الجرح.

وقبل أن يرحل.

خط بدمائه آخر الكلمات.

ثم غاب  وراء الشفق الأحمر.

دون كلمة وداع.

وكأنه القمر الغائب

تحت ظلال السحب الممطرة .

1

طفلٌ ولدته أمٌ ثكلى .

بكت الأم كثيرا حال ولادته.

أنبأت الأم الطفل وقالت.

لاتحزن ياولدي.

في ليل الأفق الدامي.

أيام حبلى بالقهر ستشهدها.

فليكن الصبر سلاحك.

والحرف جناحك.

وتذكرْ أمك يا ولدي.

لو وقعتْ في أسر الشذاذ.

2

شب الطفلُ على عشق الأرض .

وناجى البيارات المغتصبهْ.

في يافا واللد و(أم الأحزان)*

ناجاها بأطهر شوق وحنان.

عاهدها  من روح يغمرها أنقى إيمان.

صمم أن يقتل وحشتها.

فأطلق من فوهات الجرح.

بوحا قدسيا للأغصان:

(لو  يذكرُ الزيتون غارسَهُ.

لصار الزيت دمعا.

يا حكمة الأجداد.

لو من لحمنا نعطيك درعا.

لكن سهل الريح ,

لا يعطي عبيد الريح زرعا.

إنّا سنقلع بالرموش.

الشوكَ والأحزانَ... قلعا.

سنظل في الزيتون خُضرتَه’

وحولَ الأرضِ درعا)

2

لم يعبأ بالعطش المر.

أو يهجع يوما للراحة.

في ومضات الغبش الأولى

كانت قطرات الدم.

تنزل صارخة من قلبه.

حدثنا عن أسر الإنسان.

عن أسماء المقهورين المنفيين.

عن (أم الأحزان).

وعن درب الآلام.

بالقلب النازف والخلجات.

خط على جسد الأرض الحبلى بالقهر .

أوجاع الفقراء .

صاغ الرفض القدسي.

بأسنى  الكلمات.

ظل يقاوم في محرابه.

لايملك شيئا من حرث الدنيا.

سوى حزمة أوراق ويراع ودواة.

أحرفه صارت أبهى الأزهار.

وجدا نبويا وفنار .

خبزا .. شمسا.. إعصارْ.

وتحدى السجن/ القيد / النفي.

فغدا نجما أزليا.

طيرا للدهشة والأسفار .

جبلا من نار.

3

طاف الطفل بكل الأصقاع.

يتحدى الديجور.

يحكي عن وطن مأسور.

ويعلن  للعالم.

أن الأرض لأهل الأرض ستبقى.

مهما مرت أعوام ودهورْ.

في دمه كان الشعر يمورْ.

شلالا ..إعصارا.. ونذورْ.

أحرفه إنطلقت مثل شعاع.

دوت في الأسماع.

أضحت مطرا زخارا كحبات البلور.

لحمتها عشق قدسي موًار.

دوت  تلك الأحرف ُفي وديان الصمت.

صارت شمسا  .. أنهار.

ورؤى من در مكنون ونهارْ.

وبلادا أوسع من كل الكونْ.

إشعاعات جذلى وشراعْ.

وشواظا مشهودا ويراعْ.

حمأ مسنونا في أحداق الشذاذ الأشرارْ

4

في زمن الشاري والبياع.

أودع حبيبته المسبية بين الأضلاع.

وتحمل أعتى الأوجاع.

هيكله الناحل صار شراع.

(أنا الأرض

أيها الذاهبون إلى حبة القمح في مهدها.

أحرثوا جسدي!

أيها الذاهبون إلى جبل النار.

مرًوا على جسدي.

أيها الذاهبون إلى صخرة القدس.

مروا على جسدي.

أيها العابرون على جسدي لن تمروا.

أنا الأرض في جسد.

أنا الأرض في صحوها.

لن تمروا.)*

5

هذي أحرفك الهدارة يامحمودْ.

هي أقوى من  أمواج البحرالزخار.

تخترق الأسوار.

تبقى دفئا للأرض.

ونسغا  للأشجار.

ولواء خفاقا ونهار.

نبعا أزليا للثوار.

وتبشر بغد أنقى من مقل الأطفالْ.

رغم فحيح الموت الأعمى.

وجموع  السفاحين الأشرار.

6

يا أجمل طير في الكون.

حين تلقت أرضك نعيك .

هاجمها غول الحزن.

صرخت موجعة.

الطير الأحلى مات.

وبدمع حارق ودعك الأحباب.

وانهالت من عمق حناياهم.

شهقات تتبعها شهقات.

وانطلقت حناجرهم.

ضجت بالآهات.

الطير العاشق مات.

الطير العاشق مات.

7

يا طير الدهشة والأوجاع.

أدركت خفايا الشعر.

عانقت الأرض ولم تهدأ.

تبقى روحك شاخصة.

في موج الشطآن.

بين البيارات المسبية.

والأرض الحبلى بالآهات.

في هذا الكون الغافي في الأدران.

ياطير الشعر الأبهى.

أنت نسجت لنا من جذوته رايات.

تفتح نبعا سحريا.

يسقي كل البيارات الظمأى.

يتحدى الموت الزاحف في الطرقات.

وغدا موتك يكوينا كالجمرات.

لكن من قبرك تنبت .

أزهار وسنابل لم تذبل.

رغم الموت ورغم الظلمات.

ستبقى الطير الأجمل

في كل الحارات.

روحك  تبقى خالدة كالنجمة.

ياطير الشعر الزاهي في القارات .

إن الفارس آت آت.

يحمل  في جنبيه مواسم خصب.

وموائد ورد وحياة.

للأرض الحبلى بالآهات .

 

جعفر المهاجر

...................

إشارة :

أم الأحزان: القدس.

المقاطع التي بين قوسين من قصيدتي الأرض وأوراق الزيتون للشاعر الراحل.

الشاعر الراحل محمود درويش في سطور:

1 - ولد في  13مارس عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا.حيث كانت أسرته تملك أرضا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1947 إلى لبنان ،ثم عادت متسللة العام 1949 بعيد توقيع اتفاقيات السلام المؤقتة،لتجد القرية مهدومة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية إسرائيلية)"أحيهود". وكيبوتس يسعور. فعاش مع عائلته في قرية الجديدة.

مارس 1941 - 9 أغسطس 2008 .

2 -أحد أهم الشعراء الفلسطينين واللغة العربية الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. ويعتبره النقاد أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعرمحمود درويش  يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.

3- بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفر ياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.

4- اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية .

المناصب التي شغلها:

شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل. كانت اقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه. وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك. ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر  والفيلسوف اللبناني روبير ، عندما بدأ هذا الأخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها.  الجوائز التي حصل عليها:

جائزة لوتس عام 1969.

جائزة البحر المتوسط عام 1980.

درع الثورة الفلسطينية عام 1981.

لوحة أوروبا للشعر عام 1981.

جائزة ابن سينا في الإتحاد السوفيتي عام 1982.

جائزة لينين في الإتحاد السوفييتي عام 1983.

الصنف الأول من وسام الإستحقاق الثقافي تونس 1993.

الوسام الثقافي للسابع من نوفمبر 2007 تونس

جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2004 .

جائزة القاهرة للشعر العربي عام 2007.

كما أعلنت وزارة الاتصالات الفلسطينية في 27 يوليو 2008 عن إصدارها طابع بريد يحمل صورته.

شعره:

بدأ بكتابة الشعر في جيل مبكر وقد لاقى تشجيعا من بعض معلميه. عام 1958،

في يوم الاستقلال العاشر لإسرائيل ألقى قصيدة بعنوان "أخي العبري" في احتفال أقامته مدرسته. كانت القصيدة مقارنة بين ظروف حياة الأطفال العرب مقابل اليهود، استدعي على إثرها إلى مكتب الحاكم العسكري الذي قام بتوبيخه وهدده بفصل أبيه من العمل في المحجر إذا استمر بتأليف أشعارشبيهه.   استمر بكتابة الشعر ونشر ديوانه الأول، عصافير بلا أجنحة، في جيل 19 عاما.

يعد شاعر المقاومة الفلسطينية ومر شعره بعدة مراحل.

بعض قصائده ومؤلفاته:

عصافير بلا أجنحة (شعر) - 1960.

أوراق الزيتون (شعر).1964

عاشق من فلسطين (شعر) 1966

آخر الليل (شعر).1967

مطر ناعم في خريف بعيد (شعر)

يوميات الحزن العادي (خواطر وقصص)

يوميات جرح فلسطيني (شعر)

حبيبتي تنهض من نومها (شعر).1970

محاولة رقم 7 (شعر)

مديح الظل العالي (شعر)

هي أغنية ... هي أغنية (شعر)

لا تعتذر عما فعلت (شعر)

عرائس.

العصافير تموت في الجليل.1970

أحبك أو لا أحبك (شعر).1972

تلك صوتها وهذا انتحار العاشق.1975

حصار لمدائح البحر (شعر)

شيء عن الوطن (شعر)

ذاكرة للنسيان.

وداعاً أيتها الحرب وداعا أيها السلم (مقالات)

كزهر اللوز أو أبعد

في حضرة الغياب (نص) - 2006

لماذا تركت الحصان وحيداً.1995

بطاقة هوية (شعر)

أثر الفراشة (شعر) - 2008

أنت منذ الان غيرك (17 يونيو 2008 ، وانتقد فيها التقاتل الداخلي الفلسطيني)

وفاته:

توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في المركز الطبي في هيوستن، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته بعد أن قرر الأطباء نزع أجهزة الإنعاش عنه.

وري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي. وتم الإعلان عن تسمية القصر بـ (قصرمحمود درويش   للثقافة). وقد شارك في جنازته الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ومن الشخصيات الأدبية في العالم العربي.  وعلى رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس .

المصدر : ويكابيديا.

 

 

في نصوص اليوم