نصوص أدبية

غِناءٌ على التَّلِّ المُنفَرِد1

ونُكُوصٌ يرتَجيهِ ابتئِـــاسٌ

 واهتِزازُ الوَردِ ما فاتَ عَيْــــنا

husan anbaralrikabi

غِناءٌ على التَّلِّ المُنفَرِد1 / حسين عنبر الركابي

 

حينَ دانى قِمَّةَ التّــــــــلِّ غَنَّى          مِثْلَ شَدْوِ الأمسِ أو كانَ أغْنَى

غَيْرَ أنَّ الصّوتَ لَمَّا تَعــــالَى          لَمْ يُدِرْ جِيداً ولَمْ يُغْرِ أُذْنــــــــا.

كَيفَ للإنشادِ إذْ حَلَّ مَرْقىً            وَعَنَى الإسماعَ عُلْواً ومَعنى، 2

أنْ يَمُــدَ القَولَ صُبحاً ومَمْسىً        ثُمَّ لا يَعنْي لَدى الجَمعِ شَأنا؟

                                  **

هَلْ نَأَى التَلُّ بَعيــداً بِصَوتٍ          فأضاعَ الخَلْقَ سَمعاً وذِهْنا؟

أوَهَى في ذاكَ سَمعٌ رَهيفٌ          أمْ أشَتَّ الوَصلَ ما كانَ وَهْنا؟

هَلْ أقَلَّ اللَحنُ وَقْعاً حَرُوناً          مُوغِلاً في القَصدِ فاشْتَطَّ لَحْنا 3

لَمْ يَكُنْ يُرضي أُولي الحالِ مِنهُمْ   فأشاحُوا الرأيَ لَهْواً وَضِغْنا؟

                                     **

بَلْ لَعَـــــلَّ الجارِياتِ السَّجايا          لِفَتَى التّـــــلِّ فَضاءٌ ومَبْنَى،

لَم يُعايِنْ ناظِروا القَولِ فيــــها         مَشيَ مَلهاةٍ ولا بابَ سُكنَى

فَمَضَوا نَحوَ المُغَنِّي المُـــداني         وإلى بَعضٍ خَدِيناً وخِـــدْنا.4

ومَضى التلُّ رَهيـــنَ خَلاءٍ            وَأخا آلٍ يُوارِيــــــهِ لَونــــــــــا.5

                                **

قد يُغَنّي واقِفُ التلِّ دَهراً              في الفَضاءِ الخِلْوِ شَكّاً وظَنّا،

قد يُغَنِّي بَعدَما كانَ جَدْبٌ             أهْلَكَ السَّفْحَ نَماءً ومَنَّـــــا.

لَمْ يَــــــدَعْ إلاّ شَتيتاً كَظيماً           مُنصِتاً يُولي الصَدى الفَردَ عَوناً.

في فَراغِ البُعْـدِ تَجْري جِيادٌ          ما جَزاها الوَصْفُ، إذْ كَلَّ، دَيـْـنا.

                                **

صاعِدُ التلِّ يُجيلُ رُؤاهُ          بينَ ما يَهواهُ رُكْناَ فَرُكنــــــــا.

رَجْعُ حُبٍّ غامرٍ ذلكَ الشَّــــــــــــــدوُ لِهذي والذي أسنى وأدنى.

طَورُ حُسنٍ مُكرَمٍ ذلكَ الرَّجْـــــــعُ يَمُدُّ النَفسَ عَزماً وحُســنا

غَيرَ أنَّ الصادِحاتِ اللَواتي          ما لَقِينَ الإلفَ يَلقَينَ حُــزنا.

                                 **

بَينَ أمرَينِ: خٌطىً يصطَفيها الحُبُّ، عِبْرَ التلِّ، بيضاءُ حُسنى،

ونُكُوصٌ يرتَجيهِ ابتئِـــاسٌ          واهتِزازُ الوَردِ ما فاتَ عَيْــــنا.

 

لندن

....................

1- القصيدة من بحر المديد التام الأول.

2- المرقى: اسم مكان من الارتقاء والصعود

3- الحرون: غير المطاوع ، العنيد. اشتط: أفرط وجاوزَ القَدْر.

4- الخدين والخدن: بمعنى الصاحب والصديق.

5- الآل: السراب.

 

 

في نصوص اليوم