نصوص أدبية

المصور

akeel alabodكنت جالسا عنده في الاستوديو، شاب، طريقته في انتخاب اللقطة الصورية، تشير الى خبرته الأكاديمية، سألته فأجاب بإقتضاب انه تخرج فعلا من أكاديمية الفنون الجميلة، جامعة بغداد في تسعينيات القرن المنصرم.

 وهذا ما منحه فعلا لغة متميزة في توظيف الحس الوجداني من الداخل.

 استهوتني لغة الحديث معه عن فن التصوير، ذلك خاصة بعد ان رحت أصغي الى الموسيقى الخاصة التي تم دبلجتها مع صور فوتوغرافية تبدو قديمة.

في ذات اللحظة، شابة جاءت تحمل معها انية من الورد، ومجموعة أوراق، تشبه تلك التي يحملها ساعي البريد عندما يطلب توقيع المستلم بعد إيصال الرسالة اليه.

لحظتئذ الشابة التي تحمل الورد، راحت تسأله عن توقيع استلام حزمة الورد، نظر الى اسم صاحب الهدية، ابتسم بفرح، أراد إخفاءه لولا مقاطعتي، التي جعلت منه اكثر بهجة، أراد ان يصف فرحته، حتى عرفت عن طريقه ان هدية الورد هذه، كانت امتنانا من احدى السيدات بناء على قدرته البارعة في التصوير.

ذلك جعلني اكثر فضولا لتداول الحديث معه عن الصور والتصوير، الان وإيام زمان، كانت طريقتي في الحديث، كما تبدو، ناجحة للبحث معه عن موضوعات اجمل بخصوص هذا النوع من الفنون.

راح يريني خبرته في أرشفة الصور القديمة، والحديثة، عبر إشاراته الى تواريخ واحداث مهمة كان قد ابدع فعلا في تصويرها. 

لذلك نهاية المطاف، سجلت في صفحات ذاكرتي، نقطة تحتاج الى تدوين، وهي ان الحس الداخلي، اوالذائقة الخاصة بالفنان تخرج كما الشُعَاع الى الخارج.

هذه الذائقة، وظيفتها لا تقتصر على انتخاب اللحظة، بل تعد الهاما للمعني بهذه اللحظة، اوتلك، هذا الإلهام به، اومن خلاله يتم اتفاقا ضمنيا بين ذائقة الفنان، والشخص الذي يقصد الفنان-المصور بغية التقاط صورة له.

اذن هنالك عدستان؛ الأولى عدسة الكاميرا نفسها، والثانية ، ذائقة المصور؛ الفنان من الداخل، وبهاتين العدستين، يمكن لنا ان نصور، اونترجم احاسيسنا، وتفاعلاتنا مع الحياة، لعلنا ننتج تصورا آخراً جديدا لهذا العالم الذي يحتوينا، بكل تفاصيله ومكوناته، عندئذٍ، الصورة التي بعدسة مشاعرنا نلتقطها، سوف تكون معلما جماليا يزار ويحتفى به أسوة بصاحبة الورد، التي عبرت عن احتفائها بتلك اللقطة التي ابدع فيها صاحب الاستديو.

 

عقيل العبود

 

 

في نصوص اليوم