نصوص أدبية
أمر صولة 13
قد تتساءلون ماهي الصولة؟ او تحسبونها كما ظنت زوجتي كلمة مرادفة لكلمة شجاعة، ضحكت في وقتها كثيرا حين اخبرتني. والصولة ياسادة هي اصغر وحدة عسكرية في الهجومات التي كنا نشنها على العدو، يقودها ضابط برتبة ملازم، كنت اشرف على الصولة رقم 13 المرابطة عند منطقة ديزفول المتموجة قرب تلال حمرين وسط العراق عبر الطريق من شهربان والمقدادية، التي تقع قرب حدودنا مع ايران، وكانت الارض مزروعة بالالغام، بخرائط بالغة الدقة لايعرف منافذها الا الوحدات الهندسية التي اشرفت على تصميمها، ويتم الحفاظ عليها بسرية تامة. وبينما اقوم بتمشيط الارض مع بضعة جنود ليلا والسواد يغلف الكون من حولنا، انتبهت لضوء خافت يلوح من بعيد فطلبت من احد الجنود ان يحضر المنظار الليلي الذي يسمح بالرؤية بالظلام، شاهدت عبر المنظار ثلاتة جنود ايرانيين يتسللون عبر حقل الالغام الى اراضينا مترنحين، قال لي احد الجنود: نرميهم سيدي؟
فأجبته انتظر لنرى اين يصلون فقد يموتون من تلقاء انفسهم بلغم من الغام الحقل الذي يسيرون به.
الجنود الايرانيون الثلاثة عبروا الحقل بنجاح وصاروا قريبا منا بمئة متر تقريبا، امرت احد الجنود بقنصهم وترك احدهم لاسره والتحقيق معه لنعرف كيف تمكنوا من اجتياز حقل الالغام ؟.
مات احدهم اما الثاني فيبدو انه جرح فقد اصيب بساقه لانه سقط وظل يصرخ، اما الثالث فقد رفع يديه فوق رأسه في اشارة لانه يستسلم. حين اقتربنا منهم صوب الجريح بندقيته الي فعالجه احد الجنود بطلقة في رأسه فأرداه في ارضه، وسحبنا الاخر اسيرا الى المواضع التي كنا نعسكر فيها. أقتربت من الجثتين وبدأت افتش في جيوبهم عسى ان اجد خرائط استخدموها للنفاذ بين حقل الالغام، فلم اجد شيئاً .
ربطنا الاسير بانتظار الصباح حتى يتم تسليمه للوحدات الرئيسية، وبدأنا نتناول عشاءنا وقد شاركنا الاسير الطعام فقد امرتهم باطعامه وسقايته، بعد العشاء احضرت علبة الدومنو وجلست قرب الاسير وقلت له ممازحا : هل تحب ان تلعب معي؟ فبصق بوجهي واخذ يتمتم بالفارسية كلمات لم افهمها لكن يبدو انها شتائم.
صرخ الجندي قربي سيدي خلي احط رصاصة براسه مثل الجماعة الي هسة كومناهم.
دفعته وقلت له اتركه ليس الان.
في الصباح وقد زال مفعول الغضب من قلبي توجهت للاسير وركلته بقدمي فصحا مذعورا، وجهت مسدسي الى منتصف جبهته وافرغت فيه رصاصة واحد فقط، فار الدم من راسه واختلط برائحة التراب وقطرات المطر.
لقاء موسى الساعدي..