تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

نصوص أدبية

حراك

ahmad belkasemبعد إفطار هذا اليوم بقليل؛ التقت القصة القصيرة بالقصيدة كما في الموعد الذي اتفقتا عليه دون تأخير ولا تقديم، حيث قررتا الذهاب إلى ميدان الحراك ولكل واحدة منهما دوافعها الخاصة بها لحضور حراك هذا المساء لا يعلمها إلا الحق سبحانه، بعدما أصبح الحراك أشهر من نار على علم.

وهما في طريقهما إلى محج المتظاهرين، صادفتا السيدة الرواية واقفة عند باب منزلها وكأنها تنتظر أحدا ما، فبادرتهما بالتحية وردتا عليها بتحية أحسن منها، وبعد دردشة قصيرة سألتهما عن سر خروجهما في هذه العتمة؟ ردتا بخفة وبلسان واحد، واحد وكأنهما شقيقتان توأمان:

- نحن ذاهبتان إلى ميدان الحراك يا عمة!

- إلى ميدان الحراك؟

سألت السيدة الرواية فاغرة فاها في اندهاش.

- هل في الأمر ما يثير دهشتك عمتو!

- يا للمفارقة العجيبة؛ أنا بدوري أريد الذهاب إلى هناك، كنت فقط أبحث عن رفيق..

- معك حق الرفيق قبل الطريق.

قالت القصة القصيرة باسمة.

- يسرنا مرافقتك لنا عمتو.

قالت القصيدة.

- الحمد لله الذي جمعني بكما من غير موعد.

توسطتهما السيدة الرواية ماسكة كل واحدة منهما بيد، وانطلقت بهما نحو هامسة في آذانهما:

- يجب الانتباه إلى المطبات حتى لا يخيب مسعانا.

- أية مطبات تقصدين عمتو، فالدرب سالك ومعبد؟

سألتها الصديقتان.

- عفوا عفوا صغيرتي؛ أقصد الحواجز المخزنية.

- شكرا عمتو؛ نرجو من الله أن لا نقع في فخاخ المخزن حتى لا يخيب أملنا في بلوغ هدفنا.

قالتا بلسان واحد.قبل وصول الميدان المقصود تناهى إلى سمع الرفيقات الثلاثة هدير الحناجر وهي تصدح بالشعارات، فشرعن في طي المسافة المتبقية لخط الوصول طي الكتاب.و في رأس أحد الأزقة لا حظن قطعة من الليل تتحرك نحوهن، وإن هي إلا لحظات وجيزة حتى أمسكت يد كومة الظلام بتلابيبهن، وشرعت تستنطقهن دون مقدمات:

- إلى أين أنتن ذاهبات في هذه العتمة؟

- إلى ميدان الحراك.

ردت القصة القصيرة والقصيدة ودائما بلسان واحد، بهذا البوح الصريح لم يتركا الفرصة للسيدة الرواية كي تناور للتهرب من الجواب.

- لم تردن الحضور إلى الحراك؟

- أنا ذاهبة للبحث عن أحد أبطالي قيل لي إنه هناك.

ردت القصة القصيرة على عجل.

- وأنا أرغب في استكمال أحد أبياتي، أريده أن يكون هو واسطة العقد.

أجابت القصيدة.وبعد شيء من الصمت قالت الرواية:

- أما أنا؛ فأروم التنقيب عن حدث تاريخي مؤثر أريده أن يكون أبرز أحداث فصولي الخمسة.

بعد الاستماع إلى أجوبتهن، أو بالأحرى إلى سر الرفيقات الثلاثة اللائي حافظن عليه طيلة رفقتهن، قالت كومة الظلام:

- وأما أنا؛ فأنا المخزن، متى أرفع الهراوة تعرفنني، لكن لابأس من أن أسدي لكن خدمة جليلة تلبية لرغبة كل واحدة منكن..

قاطعنه متوجسات:

- كيف ذلك؟

- سأوفر عنكن عناء الزحام والتدافع والكر والفر في ميدان الحراك،لأبعثكن على جناح السرعة إلى ميدان عكاشة هناك؛ أكيد ومؤكد تتحقق رغبتكن.

 

احمد بلقاسم

 

 

في نصوص اليوم