نصوص أدبية

زقاق بيت العمّة (3)

zayd alshahidطالعت حمامة النخلةَ باهتمام، وكان التمرُ لمَّا يزل في عذوقٍ هادلة .. قالت لها مالِكة البيت المؤجِّرة : هذه النخلةُ عمرُها خمسَ عشرة سنة . غرستها شابّةٌ استأجَرت البيت لأعوام ثم عادت الى أهلِها في البصرة عليلةً خاوية . وكان هنا في هذا المكان الذي تعلِّقين فيه هذا القفص قفصٌ ابتاعته مع بلبلٍ كان يمنحها الألفة وترى فيه رفيقَ عمرٍ كما صرَّحت لي مراراً .. لم تكن قد سافرت إلى أهلِها مرةّ  ولم نرَ من جاءَ ليزورَها إلا بعد أنْ نَحلَ جسمُها وضعف، ومرضت بحيث لم تكنْ قادرةً على اطعامِ نفسِها . يومها تهافت الجيرانُ ووضعوا جدولاً في ما بينهم لإطعامِها فلهم مَعها اعوامٌ من الودِّ والرفقةِ الدافئة، ولها معهم حسنُ السيرةِ والنوايا الطيبة ...  ويوم تخيلت أنْ ستموت في هذا البيت ارتعبت وكانت تبكي شوقاً إلى مسقطِ رأسِها، وفي خفوتٍ تُردد : " اريد العودة إلى وليد .. وليد مَن يشفيني ".. ولم نكن نعرف من هو وليد، ولا هي أفشت بسرِّها ... لأيام ألحَّت عليَّ أنْ أنقلها الى الكراج الموحّد، وساعة تهيئتُ لحملِها في سيارة أجرة تأخذنا الى هناك  طلبت منّي انزال القفص  . مدَّت كفّها المتهالكة ففتحت بابَه وامسكت بالطيرِ الصديق . تفرَّست به بحنانٍ كأنَّها تشكره على حسنِ صنيعه في مرافقتِها الاعوام الفائتة ثم أطلقته بشيءٍ من الرضا الكثير والفرح الشحيح ... بعدها أصعدتُها في سيارةِ اجرة حملتها الى البصرة مع ركّابٍ انبروا لمساعدتِها . لوَّحت لي بأصابعٍ واهيةٍ من خلف زجاج السيارة لحظة تحركت .. كان في عينيها بريقُ امتنانٍ لي ولسكّان الزقاق الذين احبّوها بصدقٍ فأغدقت عليهم عطرَ علاقةٍ حميمة .. لوَّحت بأناملِها ولم تكن لديها قدرةُ التعبير ... ولا ندري بعد ذلك أشفيت أم توفيت ... لم تُبقِ لنا غير ذكرى من النقاء والوفاء والعلاقة الوردية الناصعة ... كان اسمُها مريم ."

انتهى اللقاء مع مالكة البيت العجوز لكنَّ اللقاءَ مع الألم لم ينته . إذ ما أنْ خرجت المرأة  واغلقت الباب بروية حتى اندفعت حمامة إلى غرفتها . ارتمت على السرير، وأظهرت المرآة التي على الجدار حمامةً تجهش في نوبةِ بكاءٍ حادَّة سبّب لها نهاية المشوار وجعاً في خاصرتها وتشنّجات تعالت لصدرِها .. ولحظة رفعت حمامةُ رأسَها ووجهت بوجهِ فتاةٍ باكية انتصبت وسطَ المرآة .

قالت لها الفتاة بنظرةٍ سمحة  : عُمرُ البكاء ما أعاد غائباً، ولا الحزنُ قُيضَ ليكونَ وسيلةً لاستعادة ما انتهى .

كانت وهي طفلةٌ تذكرُ أمَّها تتحدَّث عن العمّة مريم .. تصفها بذلك القوام الذي أثار اقاربَها من الشباب فاندفعوا  يؤلّبون امهاتهم على التحرك لطلبِ يدِها من ابيها، تاجر الاسماك الذي يتخذ من الفاو موقعاً لتجارته، ومحاولة اقناع أمِّها، المستعذبة بجمالٍ تعزوه لسلالتها الجميلة، في ارضائها.. تقول أمُّها : كانت مريم طويلةً فارعة ببشرة حنطية والشعر الاسود طويل وطويل كذيل حصان عقصته القرّاصة من اعلى وتركته يتمايل مع تمايل ردفيها، ويهتز على ايقاع حركة جسدها .. مُهرةٌ عفراء ترفلُ على أمواج الدلال والغنج ... رفضتهم جميعاً، وكان في نظرِها فارسٌ لم يحِن قدومه،  لم يأت أوانه، لم تره فتفتتن به، فتولع بقوامه، فتتيه هياماً بطلَّته، فتعيش الاحلام بالتواصل معه، فتقول هو ذا فارسي الذي أرومه، رأيتُه وصاحبتُه وعشتُ معه فاتَّخذتُ قرارَ الاقتران به .

كانت مريم ترتدي الفساتين على آخر موضة يأتي بها ليبرون سيمون بائع الكماليات في سوق حنا الشيخ . وليبرون يدري أنَّ فستاناً كهذا لا يليق الا بمريم، فيبعث بمن يوصل الخبر لأمِّها فتأتي الاثنتان .. يفرد امامهما الجديد بالوان متفاوتة لكن بموديل موحَّد .. تبتاعه وسط رضا الام وانبهارها فلا يوقفها سعرٌ ولا يكبحها رأيٌّ بأن ما تلبسه لا يليق بها، فهي للفنانات المتفتحات  .. وكانت بغنجها وسيماء الدلال تمطره عيناها توافقها الام بشيء من العِتاب توجهه للبائع : وهل الفنانات اكثر جمالاً  وتفتحاً على الحياة منّا .. إلى أنْ جاء وليد محمولاً على سحابةِ المصادفة، فقالت في سرِّها : "هو ذا فارسي !" .. ووشوشت في مسمع أمِّها : " هو ذا يا أمّي ! .. هو !.. هو !" .

تبكي حمامة ! تبكي بلوعةٍ، ومرارةٍ، وأسى . تعود اليها صورةُ عمَّتِها مُسجّات على فراش وثير يشيع فيه البياض وقد احتلت مملكتَها جيوشٌ الشحوب فسرقوا كلِّ نضارةٍ من سيمائها، واقتلعوا من عينيها بصيصَ الامل في البقاء، وأجهزوا على نشاطٍ رُغمَ ضآلته كان يمدَّها بقوَّةٍ النهوض والجلوس عند النافذة التي تطل على الدرب لتستعيد المرّات العديدة التي كان يطل فيها وليد قادماً الى بيتها وقد حفّته نسائمُ المحبّة فنقلته ولِعاً اليها من بيروت مباشرة قبل أن يتوجّه الى بيته ليطبع قبلة الشوق على كفِّ أمه، وأتت به لينثرَ عند شرفاتِ عينيها قصائدَ الشوق : " لقد رأيت الكثير من النساء، يا مريم . والتقيت اعداداً لا تحصى من ربّات الجمال والاغراء فلم يرفُّ قلبي لواحدةٍ منهن، ولا هفَت الروح يوماً لغوايتهن واسقاطي في هوّة الركض وراءهن . وكانت أمّي كلّما ترجَّت وضغطت من أجلِ الاقترانِ بواحدةٍ يهمس لي القلبُ ويقول واثقاً : لم يحُن مَقدمُ مَن تُريد .. لم تأتِ بعد التي تسعدك .. إنّها هنالك، ما وراء سحابات الغيب، جميلةً، نقيةً، حييةً تتحلّى بالوفاء ."... تتقاطر الدموع من عيني مريم .. الدموع هي الرصيد الوحيد الذي تتمتَّع به وتصرفُه بسخاءٍ وفاءً لوليد .. لذلك كانت تُطالب امَّها التي غدت عجوزاً تطعنها الأيام كلَّ يوم ٍبرؤية مريمها تتقهقر أنْ لا تتقاعس عن تلبية ما تريد  . لذلك ولكبر سنِّها وعجزِها عن مساعدة ابنتها العليلة أخذت تُطالب حمامة الصغيرة ذات التسعة اعوام بمساعدةِ عمّتِّها للوصول الى كرسيٍّ لتجلس عليه يومياً تطالع الدربَ تبديداً لاستعمارِ الفراش لها ... تقف الصبيّة حمامة بمحاذاة الكرسي وتطالع الدربَ هي الاخرى  .

ولتكرر الحال صارت العمّة كلما جلست على الكرسي طالبت حمامة بالوقوف لصقِها .. تقول  بعدما تتأكد من مبارحة أمّها الغرفة : من هنا كنت اقف منتظرةً وليد .. كان قدومُه يعني لي يومَ سعادةٍ وساعاتِ عيد .. من هنا كنت ألوِّح له وقد رفع عينيه لتتلقيان انتظاري، فيسعد .. أراه بعدما يترجم تلويحة يدي كلمات استقبال يمتلىء حبوراً حتى أنَّ مشيته تتغير، ويكاد يتعثر جراء محاولة اختصار المسافة للوصول لبيتنا ".

تقول ذلك وتترك للدمعِ حريةَ النزول سيلين دافقين على سهوب خديها الضامرين .

في احدى المرات كان الجلوس للتطلع عبر النافذة اخذ القليل من الوقت، إذ لم تُعد لها القدرة على البقاء في الكرسي طويلاً، لم تُعد تتأمَّلَ ظهور وليد يأتيها على غيمة الشوق، بل احسَّت انها ستلتقيه في مكانٍ آخر .. تلك المرّة طلبت من حمامة الصغيرة أنْ تحني رأسها لتكون اذنُها قريبةً مما ستفشيه لها .

تماثلت حمامة لطلبِها فدنت من فمِها حتى شعرت بأنفاسِها ساخنةً وسريعةً تحمِّم خدَّها .

قالت : حمامة، يا بنتَ أخي . سأفشي اليك بسرٍّ لا تعلنيه لأحد، ولكن عاهديني على أن يبقى سرّاً فعلاً . ابقيه في صندوق صدرك . ويوم تكبرين وتجدين نفسَك قادرة على الايفاءِ بعهدك انطلقي بكلَّ قوتِك ومهارتِك وذكائِك لتحقيق مُرادي .. هل تعاهدينني ." وكانت تقول ذلك وقلبها يتململ ويعاتبُها : كيف تطلبين من صبيّة مُهمَّةً لا يتولاها الا الكبار ؟.. تنساب الدموعُ من عينيها وتردّد متمتمةً : ماذا افعل ! مُجبرةٌ أنا على ذلك لئلا أموت ويندثر ما خبأتُه .. إنّه تاريخي، أيامي وأعوامي، سعادتي ولوعتي، نشوتي وحزني .

(4)

تلك  الساعة الباردة من ليلةٍ شتائية قارصة خرجَ حزين تاركاً البيت وقاصداً صديقَه الرسّام . لم يأبه لقتالٍ يدور بين فصائل من الاحزاب الاسلامية تتصارع على ما لا يعرفه . كانت لعلعةُ الرصاصِ تُسمَع وأزيزُه يمرَّ قريباً من أذنه . لم يكن الذي يخيفُه موتٌ تأتي به رصاصةٌ طائشة أو مقصودة من مقاتل يرابط خلفَ سترٍ مُحكَم وجدَ هدفاً يقيسُ، من خلالِ رميه، دقَّةَ تصويبه إنَّما من صدٍّ نهائي وقاطع تتَّخذه حمامة تجاهه وترميه في هوّةِ المجافاة واللامبالاة فتتركُه شاعراً يقول الجنون ويُداهَم بشرودِ الذهن وطيران العقل بعيداً عن مَجسّات التوازن والسيطرة .

كان عليه أن يبرح البيت مُستقلاً سيارةَ أجرة تأخذه إلى حي "أم العصافير" حيث بيتُ صديقِه الرسّام، ومُصمِّماً إن اقتضى الأمر على المشي راجلاً وسط الظلمة أو في أوار الضوء الشحيح إذ المصابيح تجاهد على سفحه، قاطعاً المسافات الطويلة والاحياء المتداخلة وصولاً لبيت الصديق .

كانت دواخل حزين تحتدم والافكارُ ضجيجَة  .. تولد لديه القصائد من كلامٍ ينطقه، وتتفجّر فيه اللوعةُ من نظراتٍ يبعثها لصديقه كبرقياتِ استنجاد .

ولقد فوجىء الرسام بحزين، لحظة فتح الباب، ينتصب بعينين غائمتين فدعاه للدخول .. اتَّخذا المدخلَ ذي البلاط البني والاصفر المائل للون التراب في طريقهما الى المرسم .. كانت حيطانُ البيت وسياجُ الحديقة من الداخل تعجُّ برسوماتٍ برع صديقُه في رسمِها بطريقةٍ بانورامية .. رسوم تستعير من المدارس الفنية رسائلَها ويتفنن هو في التحكّم بالألوان، يحاورها بلسان موهبته ويتبارى معها في انتاجِ ما يترك اثراً في ذائقةِ من زارَ بيته واطَّلع عليها .

وجد حزين نفسَه امامَ باب  المرسم  المفتوح  والصديق يدعوه للدخول ليتفاجأ هناك بشخصِه مرسوماً على مستطيلِ لوحةٍ لم تكتمل، فقد تعمَّد الصديق أن لا يرسم من غير التفرّس بوجه حمامة واشباع مخيلته بطولِ قوامها لذا ترك النصف الثاني من اللوحة يسبح في هلام الفراغ بانتظار هجوم الألوان وظهور حمامة بأجمل مظهرٍ وأبهى طلعة .

جلسا على أريكة تعوَّدا كثيراً الجلوس عليها والتداول في أمرِ قصيدةٍ كتبَها او لوحةٍ أوشك صديقه على انجازِها فبين الشعرِ والرسمِ حواريةٌ من التماهي والتداخل، من الشوق والاحتراق، من الكتمان والافشاء.. فلون القصيدة كلماتها، وكلمات اللوحة ألوانها .

أدرك الصديقُ بحكمِ عهده أنَّ حزين مرتبكٌ بحبِّ حمامة، وأنَّ ارتباكَه  يخلق له حالةَ اللاتوازن، لذا عمدَ الى مفاتحته بكلِّ جرأة :

" اقترح عليك  اعتراض حمامة وايقافها والاستفسار منها مباشرة . فالفتاةُ ليست بجاهلةٍ فتُعلن الشكوى منك ولا المتهوِّرة فتنبري لاتهامِك بمعاكستها .. لا، ولا أظنُّها تصدّكَ بخشونةٍ حتى .... ثم أنَّ لك اعتباراً عندها .. لقد شاهدتُها بنفسي تتابع  وباهتمام مسارَك الشعري، ورأيتها تدخل مكتبةَ كنوز التراث وتسأل عن مجموعةٍ شعريةٍ اخرى لك، غير التي شاهدتُها قبلا بيدها .. هذا يعني انها تعرفُك وتقرؤك . يعني انها ميَّزتك شعراً وألمَّت بما أنتَ عليه من شهرةٍ تستدعي حسدَ الآخرين خصوصاً وجلُّ شِعرِك يتوجّه للمرأة في الدفاع عنها  وشحذ هممها لتكون عنصراً مؤثراً لا تابعاً ضعيفاً .

نهض الرسّام يعمل فنجاني قهوة في زاوية المرسم كعادته حين يبتهج لزيارة حزين  بينما نهض حزين فوقفَ بمواجهةِ اللوحة التي تنتظر اكتمالَها .

أكبرَ في صديقه عُظم الموهبة، ودقّة استخدام الفرشاة، وتطويع الألوان .

ومن جانبه اباح الصديق بما يأمل في جعلِ اللوحة من أجمل لوحات المعرض، مُصمماً على اسقاط الزوار في حومةِ الدهشةِ والاعجاب .. يقفون امامها بلا حساب للزمن، فقط التشبّع من شهدِها ما يأملون، مأخوذين بالقوامين الملائكيين ومغمورين بحيوية الألوان وفورانها، بحيث تصنع جَذلاً متراغياً يتعالى في نفوسِهم وانشدادهم اليها برغبةٍ لا تنضُب .

وكان إنْ انتهى اللقاء بتصميمِ حزين على ايقاف حمامة واطلاقِ الاسئلة المتراكمة في صدره عن جفائها له، إذ لم يبدر منه ما يجعلها تصدَّه وتتغاضى عن رجاءاته .

كان رآها أولَ مرّة تسيرُ رفقةَ عمّه عبد الجبار صاحب مكتب عقارات الشمس . وكان هو يمر من أمام الزقاق في نيَّةِ  شراء ثريّا يبغي تعليقها في سقف غرفته ليعيش البهرجة الضوئية والنور الوهّاج فيجعل  الألوانَ تترجم الجمال، ويبهره الضوء من المصابيح العديدة فينطلق بكتابةِ قصيدةٍ تتخلَّى عن الحزنِ وتبعد لوعةً  يشعلُها الشاعر لشواء روحه على نارِ الابداع والتميّز فالشعراء مشاريع احتراق دائم قصد بعث الجمال من تحت رماد الحب والشوق والتضحية ... شاهدَ عمَّهُ يقودها الى زقاقِ بيت العمّة .. فضّلَ الجلوس في الصف الامامي لمقهى ابو سعد  يحتسي الشاي ريثما يعود عمّه، ذلك أنّه انشدَّ لمرآها فرفع الفضول بيرقاً قصد التعرف عليها وعنها . لفت انتباهه الترجّل الواثق من قبلها والانتباه لما يقوله عمُّه وهو يقدِّم لها وصفاً للبيت ويُعلمها أنَّ ملكية البيت تعود لعجوز كرَّسته للإيجار، وأنَّ الناس تعاقبوا على استئجاره والسكن فيه .. بيت هادئ والجيران يجمعهم الوئام وتحدوهم رغبة العيش الحميمي كما لو كانوا عائلة واحدة فمَن لا يرغب بذلك .

وكانت العودةُ ميمونة، إذ ظهرَ العمُّ وحيداً . دعاه حزين لشرب الشاي فاستجاب لمشيئته . وخلال ارتشاف الشاي والانتهاء منه عرف أنَّ الفتاةَ اسمُها حمامة، وأنّها قادمة من البصرة معلنة موافقتها على استئجار بيت العمّة واستعدادها لترتيبه بما يناسبها، ووجد انَّها مُصرِّةٌ على استئجاره رغم أنَّه عرض عليها أكثر من بيتٍ افضل منه وبنفسِ قيمة الايجار .. اباحَ العمُّ بقوةِ شخصية الفتاة وثقافتها العالية مثلما أبدى اعجابَه وهو يردد : هكذا النساء وإلا فلا  .

 

زيد الشهيد

...................

فصل من رواية (الليل في نُعمائه)

 

 

في نصوص اليوم