نصوص أدبية

السَّماءُ .. والأملُ الأخير

هذهِ السّماءُ تلفظُ الأملَ الأخير ..

بعدَ أن تعطّلَ الغناء ..

atif aldarabsa

السَّماءُ .. والأملُ الأخير / عاطف الدرابسة

 

قلتُ لها :

هذهِ السّماءُ كثوبٍ مهجور ..

ضاقَ بعدَ سنين على الجسد ..

هذهِ السّماءُ كأرضٍ جافّةٍ ..

لم يطرق بابها مطرٌ ..

ولا شقَّ بطنَها محراث ..

 

هذهِ السّماءُ تغصُّ بالظّلام ..

لا طيرٌ يُحلِّقُ في أُفقها ..

ولا تمرُّ أمامَ عينيها شمسٌ ..

ولا يمدُّ ذراعيهِ إليها فقير ..

كأنّها جُثّةٌ مُحترقةٌ مرميّةٌ على قارعةِ الفضاء ..

ما أطولَ الطريقَ إلى المُستحيل ..

حينَ يموتُ في أحلامنا الفجرُ ..

وحينَ الحُريّةُ لا تكونُ وطناً ..

هل تنتصبُ السنابلُ بلا سيقان ..

وهل يحنُّ العودُ بلا وتر ..

ها نحنُ نتساقطُ كما يتساقطُ الثّمر ..

حينَ يجفُّ الماءُ في أغصانِ الشّجر ..

 

هذهِ السّماءُ كنساءِ الليل تملؤها شهوةٌ آثمةٌ ..

يقودُها شيطانٌ ثملٌ بخمرٍ فاسدٍ  ..

وتتجوّلُ في مُخيّلتها أفكارٌ ذابلة ..

تتنّفسُ في وجوهنا كنبتةٍ سامةٍ ..

أو كجرحٍ عَفِن ..

 

هذهِ السّماءُ صامتةٌ كخيلٍ محكومٍ بالإعدام ..

كمتسوّلٍ بلا أطراف ..

كظلٍّ يسخرُ من قدميه ..

كوقتٍ لا يشعرُ بالوقتِ ..

كموتٍ لا يشعرُ بالموتِ ..

هذهِ السّماءُ تلفظُ الأملَ الأخير ..

بعدَ أن تعطّلَ الغناء ..

في جوفِ آخرِ طيرٍ حلّقَ فوقَ أرضِ العرب ..

 

د. عاطف الدرابسة

 

 

في نصوص اليوم