نصوص أدبية

خُمَاسِيَّاتُ الرُّوْحِ وَالجَسَد

malik alwasetiيَطُوْفُ بِأَطْرَافِ العُيُوْنِ كَأَنَّهُ

خَرِيْفٌ تَعَافَى في تَرَهُّلِهِ وَهْنُ


 

خُمَاسِيَّاتُ الرُّوْحِ وَالجَسَد

مالك الواسطي

 

(1): قَفَا أَثْرَهُمْ مُزْنُ

عَلَى مَهْلِهَا هَذِي الجِرَاحُ تَشُدُّنِي

لِحُزْنٍ تَمَادَى في تَرَيُّثِهِ حُزْنُ

***

يَطُوْفُ بِأَطْرَافِ العُيُوْنِ كَأَنَّهُ

خَرِيْفٌ تَعَافَى في تَرَهُّلِهِ وَهْنُ

***

غَفَى خَلْفَهُ لَيْلٌ أَطَالَ نُوَاحَهُ

عَلَيَّ وَزَادَ الهَمَّ في ثُقْلِهِ وَزْنُ

***

تُعَانِقُهُ الأَشْجَانُ وَالعُمْرُ قَدْ قَضَى

أَمَانِيْهِ مَغْلُوْبًا وَكَانَتْ لَهُ سِجْنُ

***

فَيَا صَاحِبِي مَلَّ الطَّرِيْقُ وَمَلَّنَا

صِحَابٌ إِذَا غَابُوا قَفَا أَثْرَهُمْ مُزْنُ

 

(2): في سَيْرِهَا نُبْلُ

أَسُوْقُ دُمُوعِي كَالقَطِيْعِ لِمَنْزِلٍ

بِهِ سَكَنَتْ رُوْحِي وَحَلَّ بِهَا القَتْلُ

***

عَلى ظِلِّهِ كَانَتْ حِكَايَاتُ جَدَّتِي

تُسَامِرُنَا لَيْلًا وَفي لَيْلِهَا بُخْلُ

***

دِيَارٌ بِهَا رَفَّتْ عُيُونِي لِمَبْسَمٍ

تَفَيَّأَ فِيْهِ الظِّلُ وَالمَاءُ وَالنَّخْلُ

***

بِهَا كَانَتْ الأَيَّامُ يُسْقِي طُلُوعَهَا

نَسِيْمٌ بِهِ عِيْنَايَ قَدْ طَالَهَا كُحْلُ

***

أَرَى النَّفْسَ قَدْ مَدَّتْ إلَيْهَا خُيُوْلَهَا

رِهَافًا تُطِيْلُ الكَدَّ في سَيْرِهَا نُبْلُ

 

 (3): إِنِّي بَيْنَهُمْ لَمُقِيْمُ

وَزَارُوا قُبُوْرَ العَاشِقِيْنَ وَزُرْتُهَا

وَمَا خُلْتُ إِنِّي بَيْنَهُمْ لَمُقِيْمُ

***

فَفِي طَرْفِ عَيْنِي قَدْ تَبَاتُ عَلى الجوى

حِكَايَاتُ مَنْ أَحْبَبْتُ وُهْوَ عَلِيْمُ

***

تَظَلُّ عَلى جُرْحِي تُدِيْمُ بَقَاءَهَا

دُهُوْرًا وَلِي بَيْنَ الجُرُوْحِ نَدِيْمُ

***

تُسَائِلُنِي عَيْنِيْ وَمَا لِيْ بِرَدِّهَا

فَفِيْهَا يَبَاتُ اللَّيْلُ وُهْوَ كَظِيْمُ

***

أَرَانِي إِذَا قَالُوا: تَوَسَّدْتَ تُرْبَةً

بَكَيْتُ وَجِسْمِي في التُّرَابِ مُقِيْمُ

 

(4): في مَيْلِهَا وَدْقُ

كَفَانِي أَرَاكِ في العُيُوْنِ سَحَابَةً

يَحِنُّ لهَا نَجْمٌ وَيَشْتَاقُهَا أُفْقُ

***

تَسِيْرُ بِرُوْحِي وَالدَّلالُ ثِيَابُهَا

بَيَاضٌ يُضِيْءُ الأُفْقَ في مَشْيِهَا نُطْقُ

***

تَمِيْلُ إِذَا مَالَ النَّهَارُ بِظِلِّهَا

فَفِي ظِلِّهَا نَهْرٌ يَجُوْدُ بِهِ بَرْقُ

***

يُبَلِّلُ أَعْصَابِي الَّتِي جَفَّ مَاؤُهَا

وَيَسْقِي جِرَاحِي الطِّيْبَ في نَثِّهِ عِشْقُ

***

إِذَا الحُبُّ غَاوَاهَا كَثِيْرًا تَعَثَّرَتْ

وَمَالَتْ عَلى الأَحْيَاءِ في مَيْلِهَا وَدْقُ

 

 (5): أَسْقَتْ عُيُوْنِي المَدَامِعُ

وَبَعْضٌ مِنَ الآلامِ تُسْقِي جَوَانِحِي

وَبَعْضٌ بِهَا أَسْقَتْ عُيُوْنِي المَدَامِعُ

***

تُقَلِّبُنِي وَاللَّيْلُ يُسْدِي ثِيَابَهُ

عَلَيَّ وَإنْ هَاجَتْ بِرُوْحِي الفَوَاجِعُ

***

أَمِنْ بَرْدِ هَذا اللَّيْلِ أَبْكِي بِحُرْقَةٍ

أَمِنْ صُحْبَةٍ دَارَتْ عَلِيْهَا النَّوَازِعُ

***

فَدَارٌ بِهَا الأَهْلُوْنَ رَقَّتْ رِقَابَهُمْ

وَدَارٌ بِهَا تَبْقَى القُلُوْبُ تُنَازِعُ

***

لَقَدْ طَالَ تِرْحَالِي وَمَالَ بِي الهَوَى

فَيَا دَارَ مَنْ أَحْبَبْتُ قُلْ لِيْ: أَرَاجِعُ

 

شعر: مالك الواسطي – نابولي

في نصوص اليوم