نصوص أدبية

غوث.....

ذات ضجر جرّتها الخطى إلى ركنها المفضّل...أمام البحر وقفت، ركب بصرها يَمَّه المتناسق فصفّق الوجدان مهلّلا وقد هزّته حركة الرّيح تغازل الموج حينا وتسقي الشّاطئ جرعات تفكّ حصار الظّمإ أحيانا.

جلست قبالة الصّفحة المترامية فانفتحت منافذ شوقها إلى اللّا محدود...قالت...أنا هنا أيّتها الرّيح أحتاجك محراب صلاتي...تعالي، فُكّي ضفائري المكبّلة...أعيدي تجديلها بمشط ضياء يهزم أمواج الدّجى المتناثرة فوق جمجمتي...انسجي منها أشرعة لمراكب عائمة بطريقها عالمة، دُسّي في ثناياها حكمة الأوّلين وأحلام المتأخرين.

غوصي إلى لبّ اللّبّ هناك نفّضي الغبار عن سِفْر الأيّام، ارتقي أجزاءها المتآكلة ...ذاكرة كاد السّوس ينخر صدقها لتدفنها الأحداث في رمس دون هويّة.

مع هبّة الصّبح كوني صَبًا ناعمة تداعب الشَّعْر المهمل بتؤدة، حرّكي جذوره، أنعشي دورة دمويّة أنهكها العقم فبات العِيُّ قوتها اليومي ...هامة تشابك منها الوجه والقفا فباتت مسْخا في عالم الأحياء ...هجينة عند البدْء ضائعة ساعة الانتهاء.

عند الضّحى افتحي ساقية الغوث، اروي الحقول المجدبة ثمّ تربّعي على هضبة العود، راقبيني كأميرة الأساطير أصحو من غفوتي نقيّة بهيّة بيدي زنبقة وبين شفتيّ أهزوجة أبديّة.

ضمّيني أيّتها الرّيح معا نكسر القيود، نتجاوز الحدود ...صعودا، صعودا...نقبّل جبين نجم شاقه يوم اللّقاء.

 

جميلة بلطي عطوي - تونس

 

في نصوص اليوم