نصوص أدبية

قـصـيـدتـان

يحيى السماويمن مجموعتي "تيممي برمادي"

التي ستصدر الشهر القادم


(1) مـا الذي تعنين لي؟

ســألـتـنـي ربَّـةُ الـحـانـةِ والـمـحـرابِ

والـمـشـحـوفِ والـنـهــرِ الأنـوثـيِّ الـذي شاربُـهُ

يُـبـعَـثُ حَـيَّـاً إنْ هَـلَـكْ :

  

كـيـفَ جِـزتَ الأبـحـرَ .. الأنـهــرَ ..

والـبـيـدَ الـصـحـارى ..

أبــســاطُ الـريـحِ نـحـوي حَـمَـلَـكْ ؟

  

أمْ هـو الـحُـلـمُ

وقـد " شُــبِّـهَ لـكْ " ؟ (*)

  

ولـمـاذا جـئـتـنـي فـي آخـرِ الـعـمـرِ

لـتـغـوي بـتـلـتـي الـمـعـصـومـةَ الـلـوز ؟

أجِـبـنـي : مـا الـذي أعـنـيـهِ لـكْ ؟

  

قـلـتُ :

يـا مـولاتـيَ الـمـائـيَّـةَ الـنـيـرانِ

أسـرى بـيْ الـى فـردوسِــكِ الـعــشــقُ

وهـا قـلـبـي عـلـى شـرفـةِ عـيـنـيـك

فـهـل تـأذنُ مـولاتيْ فـآوي

مـنـزلَـكْ ؟

 

أنـا ـ يا ســبـحـانَ مَـنْ قـبـلَ وصـولـي قـمَّـة الـعـمـرِ ـ

بـعـيـنِـي أنْـزَلـكْ

  

ضـائـعٌ مـن قـبـلِ أنْ أُولَـدَ ..

حـيٌّ وقـتـيـلٌ ..

فـعـسـى أنَّ الـذي يـعـرفُ مـا أُخـفـي

لأجـلـي أنـزلّـكْ

  

قِـبـلَـةً لـلـقـلـبِ

تُـفـضـي بـيْ الـى شـمـسٍ تُـضـيءُ الـدربَ

إنْ حـاصَـرَنـي ذئـبُ الـحُـلَـكْ

 

فـأعـادتْ قـولـهـا

مـن خـلـفِ شِــقِّ الـبـابِ ـ أو سِــتِّ سـمـاواتٍ :

أجِـبـنـي مـا الـذي أعـنـيـهِ لـكْ ؟

  

قـلـتُ :

شـمـسٌ وأنـا مـن حـولِـهـا جُـرمٌ " سـمـاويٌّ " صـغـيـرٌ

يـا مَـلَـكْ

  

و" بُـراقٌ " يـعـرفُ الـدربَ الـى الـفـردوسِ

لـكـنْ

مـن ضــيــاءٍ لا كـمـا بـاقـي الـفَـلَـكْ

  

فـإذا صـوتٌ كـمـا الـوحـيُ

أتـانـي مـن وراءِ الـبـابِ

نـادانـي :

لِـتـدخـلْ فـأنـا   قـد " هَـيْـتُ لـكْ " (**)

  

فـاقـتَـطِـفْ مـا شـئـتَ مـن فـاكـهـتـي

واشــربْ نـمـيـري واتَّـخِـذْنـي دون أنـهـارِ الـغـوانـي

مـنـهَـلَـكْ

 

واحـتـرسْ

مـن غـضـبِ الـنـحـلـةِ

إنْ خـنـتَ شــذا وادي زهـورِ الـلـوزِ

واحـذرْ

إنَّ إيـنـانـا إذا جـزتَ مَـداهـا (***)

تـمـسـكُ الـمـاءَ عـن الـحـقـلِ وتُـظـمـي جـدولَـكْ

***

 

(*) إشارة الى قوله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ )

(**) هيت لك : إشارة الى قوله تعالى في سورة يوسف : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ )

(***) إينانا : إلهة الحب والجمال والسماء في الأساطير السومرية

***

 

(2) ثـالـثـة الأثـافـي (*)

يـا أنـتِ

يـا مِـشـكـاتـيَ الـدُّريَّـةَ الأنـوارِ فـي لـيـلِ الـصَّـبـابـةِ

يـا أنـا

يـا كـوكـبـيْ الأرضـيَّ

يـا محـرابَ شِـعـري واعـتـكـافـي

 

يـا أوّل الـخـطـواتِ فـي إســراءِ قـلـبـي نـحـو فـردوسِ الـهـوى :

مـن أيـن يـدخـلُ حـقـلـنـا

ذئـبُ الـتـجـافـي ؟

  

نـحـن ابـتـكـرْنـا لـلـهـوى لـغـةَ الـمـودَّةِ والـتـبـتُّـلِ

والـتـصـافـي

  

الـغـصـنُ لا يـجـفـو الـجـذورَ

ولــيــسَ مـن طــبــعِ الــضـفـافِ

  

أنْ تـرتـدي ثـوبَ الـرَّحـيـلِ

إذا تـعـرّى الـنـهـرُ مـن أمـواجـهِ بـعـدَ الـجـفـافِ

 

عـلَّـمْـتِـني الـتـحـلـيـقَ مـا بـيـن الـطِـبـاقِ

وكـنـتِ مـن صـدري وأجـنـحـتـي   الـقـوادمَ والـخَـوافـي

  

أكـمـلـتُ سـِـتَّـاً فـي ســمـاواتِ الـطـوافِ

ولا يـزالُ الـقـلـبُ فـي بـدءِ الـطـوافِ

 

حـيـنـاً أسَــبِّـحُ مُـسـتـعـيـذاً بـالـقـطـوفِ الـدّانـيـاتِ

مـن الـفـيـافـي

 

وأفـيـضُ حـيـنـاً بـالـغـنـاءِ عـلـى مـقـام الـلـثـمِ

طـفـلاً يـرتـدي ثـوبـاً

مـن الـفـرَحِ الـخـرافـي

  

كـفـرَتْ بـغـيـرِ نـدى زهـورِ الـلـوزِ

كـاسـاتُ ارتـشـافـي

  

وكـفـرْتِ إلآ بـالـوفـاءِ

وبـالـعـفـافِ

  

مـتـلازمـانِ

كـمـا الـمُـضـافُ إلـيـهِ يُـلـزَمُ

بـالـمُـضـافِ

  

لـولاكِ لـم تـعـرفْ رغـيـفَ الـعـشـقِ مـائـدتـي

ولا اسـتـعـذبـتُ قـبـلـكِ مـتـعـةَ الإســراءِ مـن خـمـر الـضَّـيـاعِ

الى يـنـابـيـعِ الـسُّـلافِ

  

وكـتـبـتُ بـالـمـحـراثِ فـي تـنُّـورِ واديـكِ

اعـتـرافـي:

  

شـفـتـاكِ بـسـتـانـانِ مـن شـجَـر الـبـلاغـةِ

والـقـوافـي

  

فـأنـا وأنـتِ الـصَّـخـرتـانِ

وعـشـقـنـا ـ لا السـفـحُ ـ ثـالـثـةُ الأثـافـي

***

يحيى السماوي

...................

(*) ثالثة الأثافي ـ كما ورد في تاج العروس ولسان العرب ا: الْقِطْعَةُ مِنْ الْجَبَلِ يُجْعَلُ إِلَى جَنْبِهَا حجران فيُنصب فوقها القَدر عند الطبخ .. ومن معانيها الأمر العظيم ، والمعنى الأول هو المراد في النص .

في نصوص اليوم