نصوص أدبية
ثـلاثُ قــصــائـد (*)
قـبـري مـعـي يـمـشـي
ولا صـحـبٌ سـوى مـوتـي الـمُـؤجَّـلِ
أقـتـفـي أثَـرَ الـمـلاكِ الـسـومـريـةِ
(1) ســأقـوم مـن قـبـري
مَـطَـراً مـن الأعـيـادِ جـئـتِ
وكـنـتُ قـبـلـكِ كـالـعـراقِ :
يـتـيـمَ عِـيـدْ
*
حَـدَّقـتِ بـيْ وسـألـتِـنـي :
مـن أيـن أنـتَ ؟
فـقـلـتُ :
مـن أعـرابِ بـاديـةِ الـسـمـاوةِ
مَـسَّـنـي عـشـقٌ
فـغـادرَنـي الـرشـادُ وهـا أنـا
الـحـيُّ الـشـهـيـدْ
*
قـبـري مـعـي يـمـشـي
ولا صـحـبٌ سـوى مـوتـي الـمُـؤجَّـلِ
أقـتـفـي أثَـرَ الـمـلاكِ الـسـومـريـةِ
فـانـتـهـيـتُ الـى بـلادِ الـغـربـتـيـنِ
وهـا أنـا تـسـعٌ وسـتـون انـتـهـيـنَ ولـم أجِـدْنـي
فـابـحـثـي عـنـي
صـفـاتـي :
نـخـلـةٌ مُـذ غـادَرَتْ بـسـتـانـهـا
عَـقُـمَ الـنـضـيـدْ
*
إنـي عـثـرتُ عـلـيـكَ ـ قـلـتِ ـ فـقـمْ مـعـي
لِـنُـعـيـدَ لـلـبـسـتـانِ خـضـرتَـهُ
ولِـلـتـنُّـورِ أرغـفـةَ الـمـسـرَّةِ
والـسـمـاوةَ لـلـشـريـدْ
*
عـنـدي عـلاجُـكَ مـن ضَـيـاعِـكِ فـيـكَ
فـادخـلْ آمِـنـاً قـلـبـي
وكـنْ فـي الـعـشـقِ سـادنـيَ الـوحـيـدْ
****
****
سـأقـومُ مـن قـبـري
لأحـيـا
مـن جـديـدْ :
*
مُـتـبـتِّـلاً شـيـخـاً .. فـتـىً .. طـفـلاً ..
كـمـا قـيـسُ الـمُـلـوّحُ لا كـهــرون الـرشـيـدْ
*
هـيَّـأتُ نـاراً لـلـتـصـاويـرِ الـقـديـمـةِ
والـرسـائـلِ والـمـنـاديـلِ الـحـريـرِ
ومـعـولاً لـكـؤوس مـائـدتـي
ومـحـرابـاً ألـوذُ بـهِ مـن الأمـسِ الـبـعـيـدْ
*
مـا سـوف أتـلـو مـا تـيَـسَّـرَ فـي جـلالِـكِ
مـن قـصـيـدْ
*
هـيّـأتُ سـمـعـي لـلـهَـديـلِ ولـلـغـنـاءِ ربـابـةً
وضـيـاءَ قـنـديـلٍ يُـريـنـي مـا أريـدْ
*
لا تـسـألـيـنـي عـن رمـاد الأمـسِ
قـد أبـدلـتُ ذاكـرتـي
فـخـبـزُ الأمـسِ تِـبـنٌ والـنـمـيـرُ كـمـا الـصـديـدْ
*
عـدتُ الـجـديـدَ كـمـا الـولـيـدْ
*
مَـلِـكـاً غـدوتُ
وكـنـتُ آخـرَ مُـسـتـبـاحٍ مـن سـلالاتِ
الـعـبـيـدْ
***
(2) لا تـذعـري
لا تـذعـري إنْ جـئـتُ نـصـفَ الـلـيـلِ
نـصـفَ الـحـلـمِ / نـصـفَ الـجـوعِ / نـصـفَ الـعـقـلِ
مـثـلَ الـلـصِّ
أمـشـي مـشـيـةَ الـمُـتَـحَـذِّرِ
*
مُــتـســلـلاً
أحـبـو عـلـى نـبـضـي لأدخـلَ خِـدرَكِ الـمـائـيَّ
ظـمـانـاً لـرشـفـةِ كـوثـرِ
*
ولـكـأسِ خـمـرٍ مـن زفـيـركِ
أسـتـعـيـدُ بـه اخـضـراري بـعـد طـولِ تـصَـحُّـري
*
لا تـذعـري لـو أنـنـي
أطـلـقـتُ مـن شِــقِّ الـقـمـيـصِ حـمـامـتـيـنِ
ومـسّـدتْ شــفـتـايَ جـوهـرتـيـن حـمـراويـنِ
تـمـسـيـدَ الـفـراشــةِ لـلـزهـورِ
وصـائـغٍ لـقـلادةٍ مـن جـوهـرِ
*
ودفـنـتُ وجـهـي
بـيـن قُـبَّـةِ يـاسـمـيـنَ وبـيـدرٍ مـن عـنـبـرِ
*
وأمـشِّـطُ الـشَّـعـرَ الـمُـبَـعـثـرَ
فـوقَ فِـضّـةِ سـاعِـدٍ بَـضٍّ ووجـهٍ مُـقـمِـرِ
*
فـأنـا أخـافُ عـلـى الـحـمـائـمِ
مـن حـريـرِ قـمـيـصِ نـومِـكِ أو فِـراءِ الـمِـئـزر ِ !
***
(3) إحـزمـي نـبـضـكِ مـثـلـي
قـالَ " عـشـقـائـيـلُ " لـيْ :
يـا ســادَنَ الـعـشـقِ ونـاطـورَ بَـنِـيـهْ
*
لا تـقـلْ أُفٍّ إذا أوْلَـغَ فـي نـهـرِكَ كـلـبٌ
أو دنـا مـنـهُ سَــفِـيـهْ
*
فـتَـزَمَّـلْ بـنـدى مـعـصـومـةِ الأزهـارِ صَـبّـاً
فـالـذي بـيـنـكـمـا
مـثـلُ الـذي بـيـن إلـهٍ ونَـبِـيـهْ :
*
مـن يَـقـيـنٍ
يـتـمـاهـى الـعـاشــقُ الأرضـيُّ بـالـمـعــشــوقِ فـيـهْ !
*
إفـتـحـي قـلـبَـكِ لـلـنـهـرِ يـغـذُّ الـمـوجَ نـحـوَ الـحـقـلِ ..
لـلـوردةِ تـعـطـي لـلــفـراشـاتِ الـرحـيـقَ الـعـذبَ ..
لـلـعـازفِ يُـشـجـي ســامِـعـيـهْ
*
وأشِـيـحـي الـعَـيـنَ عـن مُـسـتـنـقـعٍ
يُـرْمِـدُ ـ إنْ حَـدَّقَ فـيـهِ ـ نـاظِـريـهْ
*
هـل يـفـوحُ الـوَحـلُ طِـيـبـاً ؟
فـاغْـلِـقـي سَــمـعَــكِ عـن قـولِ لـئـيـمٍ
كـامـلِ الـنـقـصِ سَــفـيـهْ
*
طـبْـعُـهُ
يـرمـي عـلـى ذي شَــرَفٍ مـا كـان فـيـهْ
*
مـن خَـنـاً أدْمَـنـهُ طـفـلاً .. فـتـىً .. كـهـلاً ..
ومـن ثـوبِ ابـتـذالٍ يـرتـديـهْ
*
فـاحـزمـي نـبـضَـكِ مـثـلـي
لـيْ شـبـيـهٌ ـ ربـمـا أنـتِ ـ ولـكـنْ
لـيـس لـلـنـخـلـةِ والـطـيـنِ الـفـراتـيِّ شــبـيـهْ
*
فـالـذي مـا بـيـنـنـا والـوطـنِ الـمـنـهـوبِ
مـن بـعـضِ بَـنـيـهْ
*
كـالـذي ما بـيـنَ ربٍّ
ونَــبـيـهْ
***
يحيى السماوي
...........................
(*) من مجموعتي ( تـيـمَّـمـي بـرمادي ) التي ستصدر ضمن إصدارات مؤسسة المثقف العربي في سيدني منتصف شهر حزيران الحالي .