نصوص أدبية

ثلاثة أرغفة من طحين النبض

يحيى السماويتريدين الجوابَ عن السؤالِ الصعبِ

كيفَ مَلَكْتِني قلباً وأحداقاً وقافيةً؟

جوابي: صمتيَ الحجري !


ثـلاثـة أرغـفـة مـن طـحـيـن الـنـبـض(*)

 

(1) سـهــاد

الـلـيـلُ مـصـلـوبٌ عـلـى نـافـذتـي

والـفـجـرُ يـرتـدي عـبـاءةً مـن الـغـيـومْ

*

جَـفَّ بـريـقُ الـبـدرِ فـي عـيـنـيَّ

والـنـجـومْ

*

وهـا أنـا مـئـذنـةٌ صـامـتـةٌ

وضـحـكـةٌ حَـزَّ صـداهــا خـنـجـرُ الـوجـومْ

*

لابُـدَّ مـن خـمـرٍ جـديـدٍ

غـيـر خـمـرِ الـتـمـرِ والـتـفـاحِ والـكـرومْ

*

خـمـرٍ إذا شــربـتُـهُ أصـحـو

ولـكـنْ

تـسـكـرُ الـكـأسُ وتـنـجـلـي بـهِ الـهـمـومْ

*

عَـتَّـقَـنـي فـي طـيـشِـهِ أمـسـي

وعَـتَّـقـتُ غـدي فـي غـفـلـتـي

فـهـل أنـا " ثـمـودُ "؟

أمْ " سـدومْ "؟

***

(2) جـوابـي صـمـتـي الـحـجـري

تـعِـبـتُ مـن الـوقـوفِ عـلـى رصـيـفِ الـلـيـلِ

مـشـلـولَ الـخـطـى والـدربِ

أعـمـى الـقـلـبِ لا الـبَـصَـرِ

*

وأتـعَـبَـنـي الـسـؤالُ الـصـعـبُ :

كـيـفَ غـدوتُ فـي عِـشـقٍ عـلـى كِـبَـرِ؟

*

سَـلـي واديـكِ يـامـعـصـومـةَ الـبـسـتـانِ

عـن مـطـري

*

أمـثـلـي فـي الـهـوى صُـبـحٌ ضَـحـوكُ الـشـمـسِ دافـئـهـا

ولـيـلٌ راقـصُ الـقـمـرِ؟

*

ومـثـلُ رغـيـفِ تـنـوري وكـوثـرِ جـدولـي؟

مـثـلـي نـديـمٌ سـاحـرُ الـسَّـمـرِ؟

*

وهـل رمـحٌ كـرمـحـي عـنـد مُـشـتَـجَـرِ؟

*

وهـل طـيـشٌ كـطـيـشـي أو حـيـاءٌ مـثـلـمـا خَـفَـري؟

*

ومـثـلُ تـبـتُّـلـي فـي غـرَّةِ الـسَّـحَـرِ؟

*

بـلـى قـدَرٌ

ولا مـنـجـىً مـن الـقَـدَرِ !

*

أنـا جـمـري خـرافـيٌّ

ولـكـنْ

نـاعـمٌ كـنـدى زهـور الـلـوزِ فـي وادي الـمـنـى

شـرَري

*

أنـا بـشـرٌ

ولـكـنـي بـعـشـقـي لـسـتُ مـثـلَ بـقـيَّـةِ الـبـشَـرِ

*

نـبـذتُ الـدربَ مـألـوفـاً بـلا خـطـرِ

*

فـمـا الـبـسـتـانُ إنْ أضـحـى بـلا شَــجَـرِ؟

*

ومـا مـعـنـى الـرَّبـابـةِ حـيـنـمـا تـغـدو بـلا وَتَـر؟

*

تـريـديـن الـجـوابَ عـن الـسـؤالِ الـصـعـبِ

كـيـفَ مَـلَـكْـتِـنـي قـلـبـاً وأحـداقـاً وقـافـيـةً؟

جـوابـي : صـمـتـيَ الـحـجـري !

***

(3) قـطـوف لـيـسـت دانـيـة

أمـسِ ـ انـتـصـافَ الـلـيـلِ ـ جَـفَّ دمـي

وشَــبَّ حـريـقُ شــوقـي

فـاسْــتـغــثـتُ

بـمـاءِ " زمـزمِ " بـئـرِكِ الـضـوئـيِّ فـي الـوادي الـسـحـيـقِ

مُـيَـمِّـمـاً وجـهـي لِـخِـدرِكِ

لا دلـيـلَ سِـوى سَــنـاكْ

*

مُـتـبـتِّـلاً حـيـنـاً وحـيـنـاً كـافـراً بـالــبُـعــدِ

بـيـنَ الـجـذرِ فـي كـهـفـي

وبـيـنَ قـطـوفِ أغـصـانـي الأثـيـرةِ فـي سَــمــاكْ

*

فـرشـفـتُ قـبـلَ دخـولـيَ الـفـردوسَ كـأسـاً مـن زفـيـرِكِ

فـانـتـشـيـتُ

وخِـلـتُـنـي قـبَّـلـتُ فـاكْ

*

فـسـألـتُ ربـي أنْ يُـزيـدَ مـن الـظـلامِ

وكـنـتُ قـابَ قـمـيـصِ نـومِـكِ مـن سـريـركِ ..

ربـمـا أدنـى ..

وأطـبَـقـتُ الـضـلـوعَ عـلـى الـضـلـوعِ

فـفـرَّ ثـغـري نـحـو ثـغـركِ حـاطِـبـاً قُـبَـلاً

وفـزّتْ مـقـلـتـاكْ

*

وانـزاحَ عـن سـاقـيـكِ ثـوبُـكِ

فـاسْـتـفـزَّتْ بـيْ مُـجـونـاً رُكْـبَـتـاكْ

*

أوشـكـتُ أنْ ..... !

فـإذا بـشـيـطـانـي يـعـودُ فـتـىً مـلاكْ

*

حـتـى إذا نـادى الأذانُ الـى صـلاةِ الـفـجـرِ

أغـوانـي نُـعـاسُــكِ بـاقـتـطـافِ الـتـيـنِ والـتـفـاحِ

مـن حـقـلِ الأنـوثـةِ

وارتـشـافِ نـدى زهـورِ الـلـوزِ خـالَـطَـهُ شــذاكْ

*

فـدخـلـتُ واديـكِ الـبـعـيـدَ

وهـا أنـا ثـمِـلٌ فـمـا أدري

أأسْـكَـرَنـي رحـيـقُ الـفُـلِّ والـريـحـانِ فـي حـقـلِ الأنـوثـةِ؟

أمْ نـداكْ؟

***

 

........................

(*) من مجموعتي "تـيـَمـَّمي بـرمـادي" التي ستصدر الأسبوع بعد القادم ضمن إصدارات مؤسسة المثقف العربي في سيدني .

 

 

في نصوص اليوم