نصوص أدبية

إلى غائبٍ حاضر

ذكرى لعيبيبعد عُرجون سنين ،

بعد كُـل مامضى،

رَسمكَ القدر على صفحة حياتي،

لوحة بسبع سموات

سبعة أحرف

وسبع عيون

لكنك في الحقيقة،

عين واحدة أرى من خلالها العالم..

حرف واحدٌ يجمع شتاتي،

سماءٌ واحدة تحميني،

رئة واحدة أتنفس بها ذاتي.

هل قالت لك امرأة من قبل أنك رجل الدهشة ؟

وأنكَ عشبة الروح..

وأنكَ قلب الكون..

هل أحَبتكَ امرأة من قبل، كما يحب الأنبياء أقوامهم ؟

هل عشقتك امرأة من قبل، كما يعشق برد موسكو دفء شمعة شرقية ؟

أحبكَ إلى حد هاوية الحياة..

إلى حد شعوري بضآلة الكلمة أمام قلبك،

قلبكَ الذي رآني قطعة من فردوس الله في الأرض .

أحبكَ إلى حد أني أريد أن أكون كُرية دم في وريدك..

ألتصق بخلاياك ..

أُرتبُ نبض قلبك الذي أتعبه الزمن والحنين ..

لا أؤمن بالمصادفة،

لا.. لم تكن مصادفة ،

أنت قدر منتظر منذ دهر..

لم تكن مصادفة أبداً،

أنت نور أضاءَ عتمة أيامي..

غيث.. أنزله الله على ما تبقى لي من عمر، في زمن قحط المشاعر.

ندى الفجر الذي يبلل ورد شفاهي.

لمعة نجمة الصبح التي تضحك بعيني

بدايات التاريخ المسافر في أقطاب الأرض

المهد الذي استلقت فيه حضارات قلبي

الزمن الذي لايشيخ

الحضور الذي فنّـدَ كُـل روايات الغياب

مراياي التي أرى فيها نفسي أميرة

الأجنحة التي تعبر بي مسافات التيه

العصور التي تفتحت على ضفافها أحلام الرهبان

اليقظة التي أزاحت انتكاسات العمر

دفء الشواطىء التي تقصدها نوارس أيامي

مدن الأمان التي تهاجر إليها أفكاري وأحلامي

الصباحات التي تلّوح لي بأغاني فيروز

المساءات التي تهبني روح الفردوس

يقين الضوء الذي يروي عطش عيني للنهار

تلك الأرصفة التي تغفو عليها أشجار التعب

المحراب الذي أقيم فيه صلاتي،

وجدار الصفح الذي أرتل بقربه زلاتي،

بقعة الضوء التي تتوحد عندها كُـل الأديان

الفصول التي لا تأبه بمعابر الخريف

لون الفرح في زمن شحيح المسرات

صحوة الضحكة من نعاس الحزن

الوقت الذي يلتحف بأمنية اللقاء

الطائر الموغل بسماء عمري

الحنين الذي ملأ فراغ المسافات

الذاكرة التي اكتظت بأنفاس الوطن

الآس الذي يزهر بقلب " صواني الخضر"

البحر الذي أخبئ فيه أسراري وأغفو

السحابة الكريمة التي ستبلل جدب الجسد

لم تكن مصادفة أبداً..

المصادفة أنكَ غائب حتى الآن!

 .

ذكرى لعيبي

 

في نصوص اليوم