نصوص أدبية
قلوبٌ كانت بساتينَ للفقراء
يوماً ما تقمّصتُ رساماً،
وارتكبتُ ألواناً،
وعاقرتُ قماشةً في مستطيلِ اطار
سيحتضن عشقَ قلبي،
وقلتُ : سأكونُ فارسَ المجانين في لهوِهم،
وآخرَ المبدعين في خُلقِهم، وخَلقِهم .
لكنَّ الوعيَّ صفعني بكفِّ الوعيِّ .
ووجدتني مُتصدِّعاً في بلبلةِ الموضوع !
هل أرسمُ قرصَ الخبزِ شمساً
أُلوِّحُ بها، على اعتبارِ أنّي المنقذُ
والمؤمَّلُ ؟
هل أضعُ كفّيَ في جَيبي بنطالي
وأطلقُ الصَّفيرَ من فمي لأُعلنَ البهجةَ
على خدودِ بناتِ الوردِ، في المزهريات
القابعةِ على الأرصفةِ،
أمامَ أعين المارَّة ِالتائهين في بحرِ الذهول
الغارقين في جنّةِ العبث؟
أنا الحزين الذي أكلت بغايا الأيام عسلَ شِعره
ودربكت على صدر كلماته الأخطاء .
أنا الذي تسلَّحَ بالضفافِ، واغدقَ على الأنهارِ
أنسامَ قلبه ؛ وقال للمنذورين للألم :
اصبروا، وصابروا .
فالشمسُ قادمةٌ بفستانٍ ازرق يمنحكُم
سماءً جميلةً .
والمطرُ كالحبيبِ يأتيكُمُ فاصطحبوه إلى حانةٍ
اشربوا .. واشربوا ... حتى تثملوا .
فالوجعُ ليس له انتهاء.
نعم .. الوجعُ لا انتهاءَ له .
إنَّ الوجعَ خالدٌ، وسرمديٌّ، ومطلق .
أفبعد هذا الجزع المميت تطرق الأمانيّ
باب لهفتي،
وتبشرني بأحبابٍ سيأتون ؟
أفبعدَ قوافلِ المنايا،
والضحايا،
والفراقِ المريرِ،
ووجوهٍ فرَّت من ذاكرةِ الايام
يأتيني ساعي بريدِ السعادةِ بظرفٍ أزرق وفحوى
قلوبٍ كانت بساتينَ للفقراء ؟
أفبعدَ هجيرِ الكلمات تأتي قُبَّعات الظلِّ،
فتسرِّح القصيدةُ شَعرَها
وتقولُ حَلمَ المقموعين ؟
أشكُّ في ذلك .
فارس تاجي - البصرة