نصوص أدبية

غارقٌ في سيلِ الألوانِ

فراس تاجيوأقفُ عند ناصية ِ طريقِ الآلام .

حيثُ ليلُ المساكينِ يطيرُ على نجيعِ آهاتِهم

ويحطُّ جاثماً على احلامِهم المستكينة للقهر .

هي الآمال دافوها، وعجنوها، وانتظروا

تنّورَّ الأيامِ يصنعُ لهم رغيفاً

من هناءٍ واطمئنان .

كان الانتظارُ لهم تميمةً .

كان لهم درباً سلكوه،

ولم يُدركوا غوايته ..

لم يعاقروا العقلَ المصباح،

ولم يشاطروا نورَه .

فناموا على ايقاع الخديعة .

ألم يقُل جدّي الذي ماتَ من جزعِ الأيام :

الانتظارُ نتيجةُ المحكومين بالفشل .

فقُل للمُنتظرينَ المُصرّين على تصديقِ

كذبةِ بحجمِ السماء :

انتظروا قائمةَ السرابِ

الذي لا يأتي لكُم إلا بظمأٍ مِن خيبات .

فكلُّ انتظارٍ هدرٌ للأحلام،

خنجرٌ في عنقِ الرغبات .

إنْ لم تقفز ابتلعتكَ الحُفرةُ،

وصُرتَ لها مضغةً .

لا تكتبي حزني أيتها الورقةُ التي سرقتها

من جُبِّ الدمعِ، والشّقاء .

لا تفرجي فخذيكِ لشهوةٍ لا قدرةَ لي على

صنعِها .

فأنا غارقٌ في سيلِ الألوانِ، صانعة لوحةِ

الصرخةِ العمياء .

لي مع كرّاسِ الرفاق دورةٌ من عِتاب،

ولهم معي سيلٌ من اعتذارٍ لا ينتهي .

أنا الرايةُ التي خفَقَت فأذلَّها الفقراءُ الذين

كتبتُ لهم قصيدةً من دمي،

وزرعتُ لهم قلبي رائياً،

وقلتُ للشمسِ

اترعيهم بخمرِ دفئِك .

لكنَّهم أذلّوني أيتُها الورقةُ،

فلا تنعمي عليَّ بصبرٍ،

ولا تستكيني لرجاءاتي .

أنا نافلةُ الجزعِ،

فلا شيءٌ بقي كي نَحتمي به

من أمطارِ الأمل الكاذبة .

فراس تاجي – البصرة

 

في نصوص اليوم