نصوص أدبية

من بعد الستين....

لطفي شفيق سعيد(ذكرى قد تنفع الآخرين)

ربما تتلاشى موقتا

إنها حالة بيولوجية

ربما تغيب عن البال

إنه أمر متوقع

ربما بسبب آثار الشيخوخة

وقد لا تكون بنفس التوهج

إنه أمر طبيعي وبيولوجي أيضا

ولكن الذكريات نفسها

وحدها لا يمكن أن تشيخ

كتلألأ نجمة الصباح

فهي تومض منذ الأزل

باقية كزرقة سماء العراق

وكجريان نهرا دجلة والفرات

ربما هنالك ذكريات باردة

لا تحظى باهتمام

أو ذكريات مؤلمة

عندما قتلوا قمر السماء

ومنعوا الشمس من الضياء

ولكن في لحظة من اللحظات

يتفجر العنفوان

لحظتها تحبس الأنفاس

ثمة صور من تلك الذكريات

قبل ستين عاما ومثل ذلك اليوم

والعمر في شرخ الشباب

ليلتها كنت وصاحبي في غرفة

يسربلها ضوء مصباح كحولي

كلانا قابع على كرسيه السفري

ربما كنا نراقب كوة في الجدار

علها تسرب نور الصباح

من قبة السماء السوداء

على امتداد ليل بهيم

لا زال الوقت مبكرا

الليلة قائض تحرك أفكارا شتى

كل الاشكال المحيطة تبدو بدائية

حتى معسكر المنصورية

الرابض بين أحضان تلال حمرين

والساعة الرابعة صباحا هي أيضا بدائية

ولم يبدأ في الأفق شيء

لكن الوقت كان يمضي سريعا

وأصبح يلامس السادسة صبحا

وفجأة توهجت الشمس بعد احمرار

فلا أهمية لنداءات الأجهزة اللاسلكية

ولا لهدير العجلات والمحركات

ولا لصورة البساتين المحيطة بالطريق

قد تلاشت جميعها

لتحل محلها صورة واحدة

تسمرت في صدر المكان

أناس يلوحون بقبضاتهم ويهتفون

بحر متلاطم   بيارق حمراء وخضراء

إن الثورة قد قامت

تحمل رياح التغيير

***

 

لطفي شفيق سعيد

رالي 14 تموز 2018

 

 

في نصوص اليوم