نصوص أدبية

إبرة الراعي

سامي العامريحظيرتان واحدة للذكور والثانية للإناث .. كل يوم يُزرقون بإبر يبدأ خيطها من مِشفر الراعي المقدس وكلما اتسع القطيع وتعاظمت مساحة الحظيرتين كلما امتد الخيط واستطال واتسعَ تبعاً لذلك فك الراعي وتطاير رذاذ نبوءاته جزالة وبريقاً وهم متكئون على بعضهم البعض ذكوراً على الذكور وإناثاً على الإناث ولكنهم مع ذلك متحمسون لخطبته اليومية حتى أنهم ينسون أنفسهم في الغالب فيتعرون من صوفهم أو هو يتساقط من تلقاء نفسه هياماً بأدبيات الراعي ومعلقات غزله بحسناوات لا يطمثن، ولكن ما أن تُفتَح البوابة الرئيسية حتى تتقافز قطعان الخراف بنشوة مفتعلة حيث إنها كانت تتلفت إلى الخلف فلا ترى سوى حظيرة يعلو منها تارة شواظ سرعان ما يخفت وشرار يطل ويتلاشى في حظيرة دامسة، وتنظر أمامها على ضفتها القريبة فلا ترى إلا أفقاً أكثر دُموساً فهو معشوشب بالخوف من بريق نصال وسكاكين تلمض وتسطع وسط خيام وأثافٍ دون نهاية.

وعلى الضفة الأخرى عوالم من بهاء ناعس وحقول من ثمار هناءة ترتعي فيها حشود كبيرة من مخلوقات لا تنتمي لجنسهم، فيتحول الخوف إلى هلع ورعب والريح إلى وحشة فتعود القطعان أدراجها إلى الحظيرتين بانتظار الراعي وبلاغته التي اعتادوا عليها وصاروا يصفقون لها بآذانهم في فرط الحماسة .

***

قصة قصيرة

سامي العامري

  

 

في نصوص اليوم