نصوص أدبية

دندنة

ابراهيم الخزعليإمرأة ثمانينية، أو على أبواب الثمانين، بين هنيهة واخرى تدير رأسها نحوه بانحناءة خفيفة، تتطلع به من فوق نظارتها، وكأنما تصغي لما يحدثها به، وهوجالس الى جنبها، يدندن بما لا يُفْهَم منه شيء، وعيناه تصوبا ن نظرهما نحو المجهول، ولم ترمشا، ولا يغض لهما طرف قط، وشفتاه لا تتوقفان عن دندنتهما، وبكل استدارة لرأس السيدة الوقورة، ترمّقه بنظرها، وهو لم ينتبه لها، أو أنه لا يعيرها أي إهتمام!

وفي لحظة تزامنت فيها التفاتتها مع التفاتته، إذ إصطدمت نظرتها بوجهه، بعد أن إستدار بكل حجمه الثقيل نحوها غاضبا وهو يقول:

أنا لست بمجنون كما تظنين، بل أنا شاعر...

فبادرته السيدة العجوز بابتسامة، مصحوبة بكلمات لطيفة :

لا .. لا يا عزيزي، على العكس من ذلك، أنا حسبت أنك نبي يوحى إليك...

فتح فمه على سعته قائلا :

أناااااا !!

وانفجر بضحكة مدوية، تشظى بها الصمت المطبق على أفواه المسافرين

 ***

 

قصة قصيرة جدا

الدكتور ابراهيم الخزعلي

 

في نصوص اليوم