نصوص أدبية

تجلِّيات دِيُوْجِيْن!

عبد الله الفيفيسَقَـتْـنـِيْ سَماواتُ الهَوَى صَلَوَاتِها

                 فشَـرِبْتُ نِـيْـرَانَ النَّـوَى بِفُـرَاتِهـا

مَهَـاةٌ تَـجُوْسُ الفَرْقَدَيْنِ بِطَـرْفِـها

               لِـتَسُوْمَ مِنْ أَذْكَى الوُجُـوْهِ سِماتِهـا

وإِمَّا سَقَتْنـِيْ الشَّمْسَ صِرْفًا بِكَفِّها

               والشَّمْسُ، كُلُّ الشَّمْسِ، كَفُّ هِبَاتِها

فلَوْ أَنَّنـِـيْ هُـنِّـئْتُ بِالعُمْرِ سَرْمَـدًا

               ما هُـنِّـئَتْ عَيْـنِـيْ كَعَـيْنِ مَهَاتِهـا!

***

مَـهَـاةٌ تَرَى المَوْمَـاةَ فـي نَهْرِ خَدِّهـا

               يا عَـاشِـقَ المَوْمَـاةِ مِـنْ وَجَـنَـاتِهـا

وتَفْتَرُّ عَنْ أَضْحَى (دِيُوْجِيْنَ) في الدُّجَى

             فاحْمِـلْ نَهـارَكَ مِنْ صَبَـاحِ لِـثَـاتِهـا

عَـرُوْبٌ وأَعْـرَابِـيَّـةٌ، شَدْوُ ثَغْـرِها

                 نَـفْحُ الخُـزَامَى، والأَقَـاحُ كَـذَاتِهـا

فشَافَـهْتُ فِـيْها (وَائِلًا) و(كِنَانَـةً)

           والأَصْلُ وابْنُ الأَصْلِ بَعْضُ رُوَاتِها!

***

تَقُوْلُ، إِذَا ما جِئْتُ، والعِشْقُ بَارِقِي:

               اعْرِفْ خُيُوْلَكَ مِنْ صَهِيْلِ شِـيَاتِهـا

فسَلَّمْتُ تَسْلِـيْمَ النَّسِيْمِ بِـرَوْضَـةٍ

             والرَّوْضُ لا تَـرْضَى بِغَـيْرِ نَـبَاتِهـا

حَبِيْبَةَ شِعْرِيْ، أَيـْنَ شَاخَتْ قَصَائِدِي؟

                 أَيـْنَ المَوَاعِـيْدُ الْـ ثَـوَتْ بِرُفَاتِهـا؟

أَمَا الحُبُّ إِلَّا حَاجَـةٌ ثُمَّ تَنْقَضِـي؟

                الحُبُّ دُنْـيَـا.. ما قَضَتْ حَاجَاتِها!

***

وأَمْطَرَنِـيْ فِيْها الحَنِـيْنُ، وأَعْشَبَتْ

                 في عَـيْـنِـيَ الآيـَـاتُ مِنْ آيـَاتِهــا

أَ نَـوَّارَةَ الحَـقْـلِ المُـعَـلَّـى سِـوَارُهُ

               كَمْ ذا جَنَّى الجَانِـيْ على جَـنَّـاتِهـا!

وأَنـَّى ارْتِجـَالَاتِـيْ الطُّـفُوْلَـةَ دُوْنَما

               مَنْ دَوَّنَـتْ شِعْرِيْ بِجَمْـرِ دَوَاتِهـا؟

إِذَا اعْتَـنَـقَ (البَحْرَانِ) فِـيْكِ قَصِيْـدَةً

             مُـرِجَـا عُطُوْرًا ثُـرْتِ مِنْ أَبـْـيَاتِهـا!

***

 

شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي

...........................

* في هٰذا النصِّ تجربةٌ عَروضيَّة جديدة، تجمع البحر الطويل والبحر الكامل؛ فالشطر الأوَّل رباعيُّ التفعيلات من الطويل والشطر الآخر ثلاثيُّها من الكامل. مع أن البحرَين من دائرتَين مختلفتَين: دائرة المختلف ودائرة المؤتلف. لطالما راودني الجمع بين هذين البحَرين، حتى جمعَ لي بينهما هٰذا النصُّ. ذلك أنك تلحظ أن الفارق بينهما لا يعدو حرفًا واحدًا؛ فلو استعملنا عبارة «وللشمس»- في البيت الثالث، مثلًا- لصار الشطر من الطويل، وبدون اللَّام هو من الكامل! فهل يمكن القول: إننا هنا إزاء (البحر الطويل الكامل)؟

 

 

في نصوص اليوم