نصوص أدبية

أنتِ ظل الأشياء

صحيفة المثقف"بين مفهوم الشيء وخلقه

بين إبداء المشاعر والاستجابة لها

يكمن ظل الأشياء"

توماس إليوت

 

سيعبر وجهكِ شفافًا على جسدي النائم

ستعبر سحابة أيامك كريح باردة

ودمعة شقائك تبتسم حيث لا قطرة

سأراقب جلدك المنكمش وألمسه ثم أبكي

تتأملين خدي اللامع فتصمتين

عيناك تخفي قصيدة

ولحنًا حزيناً

ليس وقتًا لتقبلني – تقولين في نفسك –

سرعان ما تجف دموعي

وأسكب لك شرابًا حلوًا

لكنك تشيحين بوجهك صوب ساحة سعد

.

.

أتذكرين أيتها الجميلة؟

من حفرة واسعة

من خليج دافئ وموانئ قديمة

من نومي البصرة*

من برتقال خضيَّر

ونهر العشار

من خرائب الدنيا

وجحيم الحروب

تبدأ المدينة!

بالكاد تنز قطرة من صنبور

بالكاد تهتز شجرة فيحرث الفلاح حقله وهو يغني

كل ما هنالك ليل يهبط ثقيلاً

ملحٌ مبعثر

شحٌ في الحب

عطب في الفرح

وأرواح طرية تحلق

       ترتفع أيتها الجميلة

ترتفع ...

أينسجم عطرها برائحة البارود!

 وهي تفكر في لون القميص

                       وطعم الحلوى

                              والكتاب المستعار

كيف تضاءلت بعد اتساع

كعيني أعمى؟

إذ تنتهي في قنينة بلاستيكية فارغة.

ماذا يحدث يا حبيبتي بعد دخان القنابل؟

أعرف بأن شكوى الثكلى تبددت في وادٍ سحيق

وبأن جلود الأحرار التصقت بجدر الحرية

وبأن هناك من هو منشغل بالأمعاء المنزلقة على الإسفلت

وبأن خطأ في توقيت الأخبار جعل الأب يشيع جنازة ولده

للخطأ نفسه يجري الدم متعرجًا على بلاط متسخ

تلمع عيون باردة وتذوب أخرى

تغرغر حنجرة المدينة

كل المصابيح حولها تودعها

وتبعث بصيصا من نور

كل الذين رحلوا أعدّوا لها الأفراح الدنيوية

كما أشاعوا الحزن في غابتها

ومن حيث لا تمر قطرة ماء على شفتيها

يحيط هذرُ اللصوص برأسها

ويطرد طمأنينة الموت!

.

.

بلقيس الملحم/ شاعرة وقاصة

.........................

- لتكن قصيدتي شاهدة على عصر الهوان الذي تمر به البصرة الحبيبة في ظروف انعدام الماء الصالح للشرب. تحت ظروف قاسية من الإهمال والتنحي عن المسؤولية. راجية لها من أعماق روحي النهوض من جديد والحياة الوافرة.20-9-2018 

* الليمون المجفف الذي يجلب من الهند ويعمل شايًا

في نصوص اليوم