نصوص أدبية

أولشاس جانيداروف

صالح الرزوقأولشاس جانيداروف

ترجمة صالح الرزوق

مسرحية المخزن (4 – 5)

 

 (تسقط كارليغاش من الأرجوحة المرتفعة على الأرض. وتنظر زياش إليها).

زياش (تواصل):

قلت ذلك مرة قبل الآن "سقطت وآذت نفسها". هذا ما قلت أيضا. حينما كنت طفلة رافقتني أمي إلى المدينة، لزيارة أصدقاء. وخرجت إلى الباحة. كان الأولاد يتأرجحون على الأرجوحات وسقط واحد منهم على رأسه. وخفنا جميعا ولكن أنا اكتفيت بالمراقبة. كان مشهدا داميا. ولن أنسى ذلك الدم طوال حياتي. لكن كنت أكسب جيدا. وكانت أحوال الأولاد ممتازة. ولا أعلم إذا كانت المشكلة في قلبها أو كبدها. هذه هي الحكاية. أخذوا مني إيجان واحتفظت بالنقود. وقلت لتلك البنت"لقد سقطت من الأرجوحة". وكنت أخبر شقيقتي دائما: أحببتك أكثر من أي شخص آخر. ويمكن أن تنجبي ابنا آخر في أي وقت. وكذلك أن تقترني بزوج آخر. وسيكون الله بعونك.

كارليغاش:

كانت تتصل بالهاتف لتتكلم مع كازاخستان مرة في الشهر. ومرة في الشهر كنت أسمع صوت إيجان. ثم مر شهران ولم تتصل. سألت عن السبب. كنت أؤدي نوبة عملي اليومية، وكذلك نوبة الليل، وأشرب الفودكا – وكررت السؤال. وبعد ثلاثة شهور سألت مجددا مع أنني لم أكن مخمورة. وفي ذلك الوقت اتصلت بي وكلمتني عن إيجان.. فبكيت وهكذا كلمتني عن جنكيز خان. أن امرأة جاءت إليه وطلبت تحرير بعض الأشخاص -  زوجها وشقيقها وابنها. لكنه رد قائلا:

زياش:

انتقي واحدا وسأعدم الإثنين المتبقيين.

كارليغاش:

وانتقت المرأة أخاها لأنه يمكنها أن تنجب ابنا في وقت لاحق ويمكنها أن تجد زوجا آخر. كنت طفلة وحيدة. بلا أخ ولا أخت.

زياش:

ساءت الأمور في الأسبوع التالي – انخفضت المبيعات وشحت النقود. وكنت مطالبة بتسديد بعض النفقات. وخشيت أن تأتي الشرطة أو ضباط الهجرة. وربما العصابات. هذا كل شيء. الأكياس المليئة بالنقود أصبحت فارغة. ولذلك جمعت الموجودين في المستودع. وأشرت للحليب وقلت: اسكبوا كل ذلك في سطل. وحملت كل فتاة علبة حليب وفتحتها وسكبتها في السطل. وتابعنا ذلك حتى امتلأ السطل. بعد ذلك غادرت المكان وسكبت الحليب حول المخزن. لأغذي الأرض بالحليب. أمي وأقاربي وكل أهل القرية سيخرجون من أوكارهم ويغذون الأرض بالحليب. كانوا يهيبون بالأرض لتكون كريمة ومعطاءة ويطلبون الحصاد الوفير. والنقود. فالله يرى كل شيء. ومنذ تلك اللحظة تحسنت الأحوال.

كارليغاش:

حينما بلغني خبر إيجان كنت أمشي طوال اليوم كأنني نائمة. يوم ثم إثنان فأسبوع. شهر.. ولم تغمض لي عين. كنت أناديها. وفكرت: كيف حصل لي ذلك. وتابعت الدوران حول نفسي في هذا المكان. ليلا ونهارا. مساء وصباحا. في المستودع. الحمام. المنصة. المخزن. المنصة. وبدأت أفكر ببيت وعائلة. وشعرت بإلحاح الرغبة لزيارة الساحة الحمراء. ثم لا شيء. فقدت والدتي وابنتي وهكذا فقدت يدي كلتيهما إن صحت العبارة. لم يتبق لي شيء على الإطلاق. واقتربت من الموت. لم أكن أرغب بشيء. كنت أريد الحرية فقط دون أن أرغب بشيء. الحرية وحسب. لم تكن عندي دوافع حقيقية لأي شيء. فأنا لست كاتيا. لست كاتيا. اسمي كارليغاش. اسمي كارليغاش.

(تقف كارليغاش قرب الأرجوحات وتنظر إلى زياش، وهي تقف بدورها قرب الأرجوحات وتنظر لكارليغاش).

كارليغاش (تتابع):

كارليغاش تعني السنونو الصغير. كنت أعرف البنت روشان في المدرسة. وكانت لئيمة جدا. جدا. وتكره الحيوانات. ولا سيما العصافير. كنت أحذرها من قتلها. ولكنها كانت تحب اصطياد الحمام. وأخبرتها أن لا تقتلها. وكانت تركل العصافير. كما أعتقد. ومرة ألقت القبض على سنونو في الباحة وشنقته. وبعد شهرين ماتت بالزائدة الدودية. وقفت عند المنصة ونظرت لأصابعي. وأراد والدي أن أعزف باعود. اشترى لي عودا وأحضره للمنزل فقلت له: لاحقا. فيما بعد. ونظرت لأصابعي وكانت مشوهة، مثل السيف التركي عند خالي أرداغيلاد. كانت مكسرة. مثل روحي تماما. ولا يمكن لأحد أن يعزف بالعود بأصابع من هذا النوع. وأيضا لا يمكن الاستماع لموسيقا بروح على هذه الشاكلة.

زياش:

لم ألمس الإبهام. basbarmak. يجب احترامها. فهي إشارة على الحظ الجيد عند الكازاخيين. أما الأصابع الأخرى فهي لتلقين الدروس. وأنا لا أعاقب أحدا بلا سبب. وعندما أكسر الأصابع لا بد من سبب. هذا يدل على سلوك مشين. يعني أنك كنت تؤدين أعمالا سيئة. يعني أنك خيبت أمل الله. أخبرني الشيخ: "الكسول صديق لإبليس الشيطان. وقرأت له من القرآن: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة، ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم  ويعلم الصابرين". الأيدي المتفانية والصبورة هو ما أبحث عنه – هذا ما أريد. أريد الشخص الذي يحاول جهده. الشخص الذي يسعى لغاية ما. هن تفكرن بسيارة أو بيت أوشقة أو جنسية أو بساط فارسي – وأنا أريد مشاعر دافئة وناعمة. ولكن هذا شيء نادر. في الواقع لا يوجد شيء من ذلك.

كارليغاش:

دعتنا مساء لتلقي درس. وجلسنا هناك، غير ثملات بعد، وبلا رضوض من الضرب. وتكلمت. لقنتنا درسا. وعلمتنا القرآن وكانت الآية حول:

زياش:

الصبر والعمل، الحب والسعادة.

كارليغاش:

وعلاوة على ذلك. توسلت لتحصل على الغفران. ثم ناحت وحضنتنا. هذا ما كانت عليه الحال. وصدقتها آنيا، وناتاشا كذلك. تانيا وليزا وسفيتا ولينا – جميعهن صدقنها. وصدقتها قبلهن. كنت أنظر إليها كمربية. وقالت إنها تحاول. قالت إنها ستشتري خواتم وأقراطا وتوزعها علينا. وقبلتنا تحسست رأسك الأصلع. وسمحت لنا بالكاء. ولم يكن بمقدورنا أن نبكي بلا إذن. لو بكيت في أوقات أخرى ستضربك. وستقول:

زياش:

لا تبكي وإلا اقتلعت عينك.

كارليغاش:

الآن هي تتلو القرآن، وكلما نظرت فيها كنت أشاهد إيجان. وفهمت الإشارة – علي أن أنصرف.

زياش:

هربت بعض العاملات من المخزن السابق. دائما يحصل ذلك. وهناك دائما إحداهن وفي رأسها فكرة من هذا النوع. كنت أضربهن جميعا. هكذا ألقنهن درسا.. أن تلتزمن بالنظام، وهذا كل شيء. إنهن تبحثن عن النقود فقط والسهر على أولادهن. وزيارة الساحة الحمراء. كنت أضربهن باستمرار. وأعلمهن الدروس. أن تلتزمن بالنظام. هذا كل شيء. وأن تهدأن جميعا. فودكا، رجال، عقوبة. عموما الله بجانب الضعيف. ثم يهدأ كل شيء ويرين السكون. ويبقى أن تجدي وسيلة للهدوء بذاتك. كنت في غرفتي أراقب من تتكلم مع من.  عند المنصة، وفي المستودع. وفي الحمام. ثلاث كلمات في اليوم – هذا كل ما هو مسموح به. وكانت لدي بنات قرغيزيات. وعلمن بجهد وبانضباط. ثم فجأة نهضن جميعا وهربن. بدأن بالكلام والتفكير وتبادل الشعور بالشفقة. ثم هربن، يا لهن من عاهرات.

كارليغاش:

كنت أقترب من آنيا وتانيا. وأقترب من سيريك وليزا ولينا وسفيتا. ولكن ليس ناتاشا. فهي المفضلة عند المعلمة. كانت في المخزن من 15 سنة. تبدلت روحها في هذه المدة. آنيا كانت تصمت. وتانيا وليزا ولينا وسفيتا. لا تقلن شيئا. أما سيريك كان يدير وجهه. "هل تريدين بعض الفودكا؟". هذا كل ما أسمعه منه. وفي الليل أخبرته – أنت تعرف قيادة السيارات. كان سائقا وتجول في أرجاء المدينة. ولديه رخصة بالقيادة. وكل شيء كان ممتازا. وكان يتصرف كما يحلو له. ويذهب أنى يشاء. ويرتدي سترة رياضية. ويكسب مرتبا. ثم جاءت المعلمة وطلبت منه نقل الأخشاب وخلال ذلك تعلم شرب الفودكا. وبدأ ينام في المخزن. وبعد ذلك استولوا على سيارته، وتخلى عن القيادة وتوقف عن جولاته في المدينة. استسلم لنقل الخشب، وأفلس من النقود، وفقد سترته الرياضية، وأخيرا فقد رخصة القيادة. والآن يغسل الأرض ويشرب الفودكا فقط. تحول لإنسان مجهول وضيع. هل تريد أن تغادر؟. أجاب: كلا، لا أريد.

زياش:

يجب أن أشيد ذلك المسجد. ولكنني بحاجة للنقود. جمعته في أكياس وأرسلته. كل ما كسبته قمت بشحنه. وكل ما اقترضته أرسلته أيضا. واحتفظت بعيني على العاملات لأتأكد من تعمل ومن تستحق العطاء. ولم أبخل عليهن بالنصح وقلت لآنيا.. لا تيأسي. فأنت شابة وجميلة. لا تيأسي. وقدمت لها الفودكا، وأرسلتها إلى تلك الغرفة. وطلبت منها أن لا تيأس. هذا كل شيء. كنت أريد مخزنا جيد السمعة. مخزنا مناسبا. دون ذلك الغبار الأبيض ودون الفودكا وبلا أولئك الرجال. إذا كانت القوانين أفضل. لو هناك شرطة. لو هناك سلطات... لن يقف أحد بوجهك. كل ما تكسبينه لك. هذا يعتمد عليك. ولكن الأمور لا تسير بهذه الطريقة. ليس هكذا حتما.

(تستدير كارليغاش بظهرها لزياش. وتبتعد عن الأرجوحة. وتدور حولها. وتحدق  زياش بها دون تركيز).

كارليغاش:

حزمت أشيائي وفكرت بالموضوع. وكنت خائفة مما أفعل. لا يمكنك أن تبتعدي دون ثبوتيات وبلا نقود. أنت بحاجة لمساعدة. أين يمكن أن تذهبي إذا كنت بحاجة لمساعدة؟. كانت أشيائي في المستودع. وكانت تانيا ولينا وليزا وراء المنصة. ولكن ناتاشا غائبة. وذهب أمانتي لمكان ما بمهمة. وسكب سيريك لنفسه كأس فودكا أما أنا فانصرفت. تلفت حولي وكان الوقت شتاء والثلج يسقط، والناس يتجولون وأنا معهم. كان الطقس منعشا. والطرقات لونها أبيض. ففكرت: أين كنت من قبل؟. الحرية هي أن تستطيعي الذهاب للسينما والتجول في الباحة. أن تقرري شخصيا ماذا تريدين أن تأكلي. بيلاو أو حساء. ونظرت لمساري على الثلج وشعرت بالبهجة: هذه آثاري. إنها آثاري. ها أنا أترك شيئا يخصني خلفي. لم يكن لي في المخزن شيء. لكن هنا، كل شيء لي. يداي، قدماي، وجهي، جزداني، ثيابي. وكذلك أثر خطواتي على الأرض. ثم شاهدت مخفرا فتوجهت إليه.

 

زياش:

كنت في الأعلى وهبطت إلى المخزن ولاحظت أن كاتيا غير موجودة. وتانيا تعمل وكذلك لينا وليزا. وسيريك مخمور. وأمانتي في البازار. وناتاشا في الطابق الثاني. ولكن المهم أن كاتيا غائبة. ذهبت إلى غرفتي وأشعلت المونيتور لأتأكد مما حصل. آه. ها هي. تجمع أشياءها وترحل. Zhezokshe. عاهرة. لا يجب أن يحصل هذا هنا. حسب معلوماتي وخبرتي. هذا كل شيء.   إنهن تهربن للبيت في الشهور الست الأولى. ترغبن بالمغادرة مع أنهن بحاجة للنقود. ولكنهن تفكرن بأشياء أخرى. – ثم تعتدن على الجو. بعد ثلاث سنوات سمحت لناتاشا بالرحيل. لأنني أعلم أنها ستعود مثل كلبة. ولن يخطر بذهنها أن تفارقنا للأبد. وستلبي كل طلباتي. ولكن هذه – شيطانة وعفريتة. ذهبت إلى المنصة – ضربت تانيا ولينا.. كنت أريد دما. وابتهلت لله. لكن في تلك اللحظة رن الهاتف.

كارليغاش:

جلست في مخفر الشرطة وكتبت التقرير. ووقف بجانبي شرطي. وجلس آخر على مبعدة. وكان يبتسم.  كتبت أنني تعرضت للضرب، ولم أحصل على مرتبي، وأن وثائقي محجوزة. وأن أولادي مختطفون.. وكتبت عن المخدرات والجثث في حاوية النفايات. وعن العجوز التي ماتت من الفودكا القوية. وعن الطعام الفاسد الذي يباع على أنه طازج. وكيف ماتت سونيا وماشا وأوليا. كتبت كل ذلك. فابتسم الشرطي وابتسمت له. ثم جلست أنتظر وأفكر، ماذا يجب أن أفعل؟. سيعيدون لي جواز سفري، ونقودي ويجب أن أعود إلى البيت وأقابل الوالد. وسأنام لفترة طويلة. وأستمع للموسيقا وسأعزف بالعود. وسأؤدي عملا طبيعيا. ولست بحاجة لبيت وسيارة ونقود طائلة. فقط عائلة وابن مرة أخرى. ثم فتح الباب ودخلت المعلمة مع أمانتي.

زياش:

قال الشرطي المناوب: أرى أنه لا يمكنك حراسة أشيائك. فقلت حاول أن تنسى هذا مقابل بعض النقود الطعام. كان بيننا اتفاق. ولكن قالوا يجب أن اعتني به شخصيا. وأرى أنهم مشغولون ولديهم أشياء كثيرة في الذهن. والأفضل أن أسرع بذلك.. فرمضان بدأ للتو – أليس من المفروض أن يتعاون الناس فيما بينهم؟. رافقتها أنا وأمانتي – وفي الطريق جلدتها بلساني. لماذا تصرفت هكذا. كيف أمكنك ذلك؟. كنت أستعد لأمنحك ما تريدين. كنت تأكلين ولديك عمل. وأنت تقرأين القرآن، وتعلمت الصلاة – لماذا تصرفت هكذا؟.و أخبرتها أنني سأدفع لها نقودها ويمكنها زيارة والدها إذا أرادت. وباستطاعتها زيارة الساحة الحمراء. هل فعلت هذا من أجل ابنتك،  إنه من أجل ابنتك أليس كذلك؟. وبعد أن وصلنا إلى المخزن عاقبتها.

كارليغاش:

جردنني من ثيابي وربطنني على الطاولة. البطن للأسفل. ولم يكن بمقدوري الحركة. ثم تناوبن على ضربي. وأمضيت كل الأمسية على تلك الطاولة. وكل الليل ثم اليوم التالي أيضا. وكنت موثقة هناك. وعارية كاليوم الذي ولدت فيه. وشعرت بالبرد وتغلغلت شظايا في ركبتي. وشعرت بالعطش. ودرن من حولي ومن وقت لآخر كن يضربنني. وقالت المعلمة:

 زياش:

اضربنها كلما مررتن بها.

كارليغاش:

وحتى سيريك. كان الأسوأ. مع أنه زوجي السابق. ثم فكوا وثاقي مساء وبقيت مستلقية لساعتين. وبعد ذلك عدت للعمل. نظفت الأرض. والغسيل. وسكبت الفودكا للجميع. ووقفت عند المنصة بعد أن ربطت المعلمة ساقي بسلسلة. وكنت أمشي هكذا. مع أنه رمضان. شهر الرحمة.

(قبضت  زياش على يد كارليغاش وقادتها إلى الخلف نحو الأرجوحات.  كارليغاش تجلس بهدوء).

زياش:

يجب أن أبيعها بسرعة. بعد الهروب لا يوجد طريق للعودة. وإلا بدأ الآخرون بالتفكير وطرأت في أذهانهم أفكار غريبة. كانت كاتيا مثل خروف نهشها القمل. ويمكنها أن تعدي الجميع. فكرت بكل تلك البنات القرغيزيات. لقد هربن لأن تلك الفكرة مزروعة في أذهانهن. يجب أن أبيعها فورا. شعرت بالشفقة عليها. بل أشفق عليهن جميعا. قال لي الشيخ – الله لا ينساك إن كانت أفعالك حسنة. سمعت بفكرة بناء المساجد هنا. في روسيا. إذا رغب أحد ببناء كاتدرائية هنا يجمعون التبرعات لذلك. وكل امرئ يدفع ما باستطاعته. الأغنياء يبنون الكنائس أيضا. هذه هي الحكاية. لكن شعبنا كسول. ولا يمكنهم الاعتقاد أنه بمقدورهم أن يفعلوا شيئا. لا شيء يعتمد عليهم. خديجة، أسطورة محمد، قالت: كل من بني مسجدا في سبيل الله، حتى لو أنه بحجم عش عصفور، سيبني له الله بيتا في الجنة.

كارليغاش:

عملت لشهر على هذا المنوال. حصل ذلك في شهر رمضان. وكنت موثقة بالسلاسل. واعتنيت بالمنصة. لذلك لم يشاهد أحد السلسلة. فقد كانت ملقاة على الأرض. كانت ناتاشا تربطها في الصباح وتحررني منها في المساء. وكنت أقف هناك وأبيع البضائع وأنا هكذا. ثم جاءت امرأة وبدأت بالصياح -  كانت الأمهات الروسيات يعنفن أبناءهن. ولم أشهد مثل ذلك في أي مكان آخر. دائما حانقات على أبنائهن. تعنفنهن وتجرهن، وبقوة. تصرخن بأعلى ما بمقدورهن. "ألا يمكنك الهدوء؟". لا يمكنهن الهدوء وتصرخن. "ألا يمكنك الهدوء" هذا مرتفع جدا. نظرت البنت لبعض الحلويات وفكرت بإيجان. وسألتها: هل تريدين بعض السكاكر؟. وقالت أمها: حسنا. أعطيها بعض السكاكر. كان الرف مرتفعا. ونسيت السلسلة. وحينما حاولت أن أرفع نفسي سقطت.

زياش:

انتهى رمضان وناديت على الجميع للاستمتاع بعطلة عيد الفطر  Uraza-bairam. وذهبنا للمسجد في الصباح، ثم اجتمعنا في المخزن. مع الشيخ والأصدقاء وواحد من الشرطة. والبنات كن موجودات. وشربنا، لكن الأولاد أكلوا الحلويات. أما ابني سيء الحظ باخا فقد كان يجري حولنا. وجهزنا الكثير من الأطعمة – لحمة الأصابع الخمسة beshbarmak ، والكعك المحلى المقلي baursaki والعيران airan. ومعه فطائر جبنة kurt  وقراميش الجبنة irimshik  وهذا كل شيء. ولم أنس شيئا لإكرام الله. ثم غادر الجميع وناديت على البنات. وقرأت لهن من القرآن وأدينا صلاتنا. كنت أحبهن جميعا. قدمت لناتاشا قلادة. وخواتم لآنيا وليزا وطوقا لسفيتا وأقراطا  لكاتيا. وقلت لهن مضى عليكن عامان هنا، وهذه مناسبة للذكرى. ولم أنس أيا منهن. وكنت أتذكرهن مهما مضى عليهن من وقت في العمل في مخزني. وكنت ألاحظهن جميعا. وأحبهن جميعا.

كارليغاش:

أخبرتني قائلة:

زياش:

لن أقيدك بالسلسلة بعد الآن. لن نربط وثاقك بعد الآن.

كارليغاش:

قبلت الجميع ووزعت الهدايا. كانت تفعل ذلك ثلاث مرات في السنة. في نيروز من كل عام، وفي عيد الأضحى، وعيد الفطر. كانت تتصرف مثل إنسان حقيقي في ثلاثة أيام من كل عام. ولا يمكنها أن تزيد على ذلك. قدمت لي الأقراط، ثم استعادتها لاحقا. ووزعت شيئا على كل الموجودات – ثم استعادتها.

زياش:

هكذا لا يسرقها أحد.

كارليغاش:

قالت إنها ستقدمها لنا.

زياش:

في آخر يوم عمل لكنّ هنا.

كارليغاش:

وستفعل ذلك.

زياش:

وتدفع لكن كل مستحقاتكن.

كارليغاش:

وعلينا أن نحضر أنفسنا لنعود لموطننا. وحينها نحصل على حصتنا كلها. ولكن نظرت لتلك الأقراط وتذكرت – كانت لأوليا. وحينما ماتت عثروا عليها مخبأة بين أشيائها. 

زاياش:

أحببتهن كلهن. كن تتكلمن مع آبائهن كل شهر. وآباؤهن يأتين للاطمئان عليهن. ويرون أن كل شيء ممتاز. هذا هو الحال. جاءت أم لينا وجدة آنيا. لكن والد كاتيا امتنع عن القدوم لأنه لا يمتلك النقود الكافية. دعوت الجميع. كنت أريد أن يأتوا ويشاهدوا بناتهم وهن مشغولات بالعمل. سيكون لديهن ما يكفي لبناء بيت. هل تريدون بيوتا؟. أو سيارة؟ اذا لتعملن. ولا تكن كسولات. لا تنسوا الله وأطعن معلمتكن. ثم جاءت أم تانيا. وأسعدها ما رأت. وشاهد كل الآباء أن البنات سعيدات وترغبن بالمتابعة. فمخزني له سمعة حسنة. كلهن ترغبن بالمتابعة معي. هذا هو كل شيء.

 

 

في نصوص اليوم