نصوص أدبية

شهداءُ الوطن وخوارجُ الكفن

حسين حسن التلسينيفي شرعهم غدرٌ وكفرٌ وانتقامُ

           للذبح في ساطورهم عرشٌ مقامُ

لجهنم الإحراق في أقفاصهم

                 حقدٌ يصولُ ولايَمَلُّ ولاينامُ

لازهرَ ينمو في شَغاف قلوبهم

            فالمَحْلُ يسكنهُ وحاديهِ الضِّرامُ

أما راوئحُ جيبهم فكريهةٌ

              مادام فيه يُعربدُ المالُ الحرامُ

إن السبايا في الظلام وليمةٌ

                 شهيةٌ لاكُفرَ أتخَمَها الزَّحامُ

ولحُزنِهنَّ بكتْ دموعُ الدمعِ ما

                 لانت قلوبُهمُ ولافاح الكلامُ

وعلى قُمامةِ فسْقِهمْ وفجورهمْ

       سكن الظلامُ وفرَّتِ الشمسُ الوسَامُ

خطفوا القصورَ سبيةً لسمومهم

             والنازحون طوتهمُ تلك الخيامُ

نَسَفوا (أبا تمامَ) ثم (الموصلي) 2

           وتراثُهم لجروحنا البيضِ المُدامُ

فَتَوشَّحَتْ كمْ (يردلي)3 ثوبَ الأسى

    وعلى شفى حُفرِ اللظى احترقَ المَنامُ

جاؤوا وفوق أكفهم يغلي السَّقامُ

         باعوا الوئامَ فكان شاريهِ الخصامُ

صلبوا الحوارَ بفكِّ نارِ جحيمهمْ

            ورسولُنا بشذا الحوار المُسْتهامُ

رَفَعَ الوَدودُ مسيحَ مريمَ للسما

              وكنائسُ الرهبان دمَّرها اللئامُ

وبكتْ ملائكةُ السماء وشيَّعَتْ

          إذْ مَسَّ روحَ منارةِ النورِ الحِمَامُ

تركوا الضحايا في شوارعَ نينوى

           لينالَ من أحشائها الكلبُ الحرامُ

عَطَشٌ وجوعٌ حاصرا دنيا الورى

          حتى نما في جوفها الشوكُ اللُّهامُ

سلبوا مصابيحَ البراءة من سَما

             أطفالنا والأرضُ في وجعٍ تنامُ

ويرونَ في تفخيخهمْ بدراً لهم

                 وبغيرهِ دنيا المُهَيْمِن لاتُقامُ

مَنْ شَبَّعَ التَّفخيخَ من آثارنا

               هو صالح عند الخليفة لايلامُ

قالوا: تفجرْ بين جمع الرافدي

        ن لك الجنانُ وحورُها ولك السلامُ

في شرعهم فجِّرْ قبور الأنبيا

          ليضمَّكَ المختارُ والماحي الهُمامُ

فتألمتْ أحشاءُ زمزمَ في الدجى

                ولجرحِهِ السَّيال ماعاد التآمُ

* * *

لولا دمُ الشهداء مانبتَ الخُزامُ

         ماطار فوق شواطئ العيد الحَمَامُ

برصاصهمْ عاد العراق موشحاً

                غناهُ فوق جبالنا ذاك الغمامُ

ماجاع جوفُ سلاحهمْ يومَ الوغى

          فرصاصُهمْ لسلاحهمْ دوماً طعامُ

ظلت مدافعهمْ جحيماً غاضباً

            بين المدافع والقذائف لا انفطامُ

والراجماتُ تزَحْزَحَتْ عن نومها

         إذ حَلَّ في أرواحَنا الموتُ الزؤامُ

والطائراتُ تهبُّ من فكِّ الردى

                فإذا بأوكار الجراثيم الركامُ

هَمَراتُهُم أقمارُنا في نينوى

       حين اعتلى من سطوة الظلم الظلامُ

ولنصرهم فاحت قبورُ الأنبيا

             وغدا اعتدالَ شريعةِ الله الإمامُ

واستيقظتْ حدباؤنا من جرحها

             شمساً جدائلها المسرَّةُ والغرامُ

وبهم غدا قلبُ العراق مَجَرَّةً

           بضيائها الغضبان قد سقط اللثامُ

***

شعر: حسين حسن التلسيني

............................

(1) استخدمت علة الترفيل في الكامل التام لا المجزوء منه اجتهاداً مني لذا وجب التنويه .

(2) الموصلي : هو الملا عثمان الموصلي رحمه الله قارئ وشاعر وعالم بفنون الموسيقى .

(3) يردلي : أغنية تراثية موصلية شهيرة تتغزل بامرأة اسمها يردلي .

(4) منارة النور : هي منارة الحدباء الشهيرة في الموصل .

 

في نصوص اليوم