نصوص أدبية

حَتَّى مَقَاهِينَا

الحبيب دربال1ـ بَيْنَ مَقْهًى وَمَقْهَى

أُدَشِّنُ مَمْلَكَتِي

أَنْتَقِي مَا تَيَسَّرَ مِنْ رِزَمٍ مُشْتَهَاةٍ،

أُصَنِّفُهَا حَسَبَ النَوْعِ

وَالشَكْلِ وَاللُغَةِ الآسِرَهْ...

ثُمَّ أَدْعُو مَنِ اقْتَصَّ

مِنْ غُرْبَتِي وَأَسَايَ

إِلَى جَلْسَةٍ بَيْنَ مَقْهًى

وَمَقْهَى أَشَدَّ اخْتِلاَفًا وَأَشْهَى...،

*

2ـ وَلَوْ يَسْتَفِيقُ جَرَادُ البَلَدْ

هَلْ تَحُولُ الصَرَاصِيرُ بَيْنَ نُصُوصٍ تَلَظَّى

وَأُخْرَى عَلَى عَتَبَاتِ الهَوَى تَحْتَرِقْ؟!

*

3ـ أَيُّ مَقْهًى يَكُونُ مَلاَذَ الحَسَاسِينِ،

يَقُولُ أَنَا العَاشِقُ المـُسْتَبِدُّ،

أُشِيدُ بِنَصٍّ قَرَأْتُهُ هَذَا الصَبَاحَ

فَأَلْفَيْتُ مَقْهَايَ يَرْفُلُ

فِي حُلَلِ الأَبْجَدِيَّةِ،

يَنْبُذُ هَذَا العَرَاءَ اللَعِينْ؟!

أَيُّ مَقْهًى عَلَى دَفَّتَيْهِ

يُرَفْرِفُ سِرْبٌ تَلَطَّخُ حِبْرًا،

تَلَطَّخُ عِطْرًا مُبِينًا، مُبِينْ؟!

*

4ـ بَعْدَ طُولِ انْتِظَارٍ

وَشَيْطَنَةٍ مِنْ كِلاَ المَقْهَيَيْنِ

يُفَاجِئُنِي بَعْضُهُمْ بِقَرَارِ الحُطَيْئَةِ

لَمَّا تَخَلَّى عَنِ الهَجْوِ ذَاتَ لِقَاءٍ:

"سَلاَمٌ عَلَى كُلِّ نَصٍّ كَتَبْتَ وَتَكْتُبْ،

سَلاَمٌ عَلَى اُلقُبَّرَاتِ تَجُوعُ وَتَعْرَى،

عَلَى كُلِّ سِرْبٍ تَسَرْبَلَ مَا بَيْنَ مَقْهًى وَمَقْهَى،

يُرَدِّدُ، مَاذَا تُرَاهُ يُرَدِّدُ؟!":

"خَلُّوا الحَسَاسِينَ بَعْدَ انْتِظَارٍ مَرِيرٍ

تُغَنِّ وَتُطْرِبْ!،

إِذَا مَا اسْتَوَتْ جُلَّنَارًا وَنُورًا،

أُرَاهِنُ ـ مَا اخْضَرَّ شِعْرٌ ـ عَلَى كُلِّ مَقْهًى

تُرَفْرِفُ فِيهِ طُيُورُ القَطَا شَادِيَهْ:

"هُمْ أَحَبُّوكَ مُنْذُ أَوَّلِ وَصْـــلٍ

وَالهَوَى (لاَ تَحُدُّهُ الأَطْــرَافُ)

شُعَرَاءٌ تَحَمَّلُوا كُلَّ عِــبْءٍ

شُـــعَرَاءٌ بِطَبْعِهِــمْ أُلاَّفُ

نَحْنُ عُشَّاقُهُمْ رَضَعْنَا هَوَاهُمْ

وَهَوَاهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ سُـلاَفُ."

*

5ـ حِينَ أَطْلَلْتُ مِنْ عُقْرِ مَمْلَكَتِي

كَانَتِ الفِرَقُ الوَتَرِيَّةُ تَسْقُطُ وَاحِدَةً وَاحِدهْ،

بَيْنَ مَقْهًى تَخَلَّصُ مِنْ عَبَثٍ سُلْطَوِيٍّ،

وَآخَرَ يَرْفُضُ أَنْ يَسْتَكِينَ.

نَظَرْتُ إِلَى قَهْوَتِي، سَطْحِهَا الفَوْضَوِيِّ،

تَأَمَّلْتُ تِلْكَ الفَقَاقِيعَ تُرْغِي وَتُزْبِدْ:

"حَذَارِ مِنَ السَيْلِ يَجْرِي الهُوَيْنَا،

مِنَ الرِيحِ تَلْثِمُ خَدًّا

وَتَلْطِمُ آخَرْ،

مِنَ السَاعَةِ الصِفْرِ فَاحْذَرْ !

وَلاَ تَنْشَغِلْ بِمَصِيرِي،

أَنَا لاَ أُجَارِي مَقَاهِيَ قَدْ تَتَعَدَّدُ،

تَشْهَدُ يَوْمًا عُزُوفًا

مَتَى الكَلِمُ المُسْتَفِزُّ يُدَسْتَرْ،

يُدَسْتَرْ،

يُدَسْتَرْ، يُدَسْـ...،

مِثْلَمَا قَدْ تُدَسُّ فَوَاتِيرُ تَشْرَحُ صَدْرًا،

تُيَسِّرُ أَمْرًا،

وَتَفْتِكُ بِالحُجَجِ الشَاعِرَهْ."

*

6ـ بَيْنَ مَقْهًى وَمَقْهَى

أُدَشِّنُ مَمْلَكَتِي،

لاَ مَرَاسِيمَ تُمْلَى عَلَيَّ،

وَلاَ عَبَرَاتٍ،

أُجَنِّدُهَا لِتُوَارِيَ مَا قَدْ يُرَى.

*

7ـ بَيْنَ هَذِي وَتِلْكَ،

بَيْنَ أَنْ أَتَرَبَّصَ بِالعَنْكَبُوتِ

يُغَازِلُ خَصْمَهُ،

يَنْأَى عَنِ الرَحْلِ مَا يَسْتَطِيعُ،

يُبَشِّرُ فِي لَهْفَةِ المـَارِقِينَ بِفَتْحٍ أَغَرَّ،

وَبَيْنَ أَمَانٍ تَشِفُّ وَتَكْبُرُ،

طِفْلٌ تَقَمَّصُ دَوْرَ الصَعَالِيكِ،

يَقْرَأُ لِلغَيْبِ أَلْفَ حِسَابٍ،

وَيَمْضِي، إِلَى أَيْنَ يَمْضِي؟؟؟

سُؤَالٌ تَبَخَّرَ بَيْنَ سَمَاءٍ يَبَابٍ،

وَأَرْضٍ يَبَاسٍ، يَبَاسٍ، يَبَاسٍ...،

فَلاَ بَأْسَ لَوْ أَتَرَنَّمُ بِالنَارِ تَقْضِي عَلَيَّ

أَنَا الأَرْضُ مَهْمَا تُسَوِّفْ سَمَاءٌ،

تَجِفَّ عُيُونٌ،

وَتَيْأَسْ أُخَرْ،

لِي طَوَابِيرُ لَمَّا تُوَدِّعْ هُرَيْرَةَ لَمَّا

تَحَنَّطَ نَصٌّ،

وَنَاحَتْ بِقُرْبِهِ أَغْلَى الدُرَرْ.....

***

شعر : الحبيب دربال

 

في نصوص اليوم