نصوص أدبية
رسالةُ يعقوب إلى حاكم مصر
يا حاكِمَ مصرَ
لديكَ ابني يُوسفْ
يا حاكِمَ مصرَ سمعتُ كثيراً عن عدلِكَ
فارحم قلبي
أنا لا أشكو بثّي للمخلوقِ، ولا أسألُ
إلّا ربي
لكنّي أنشدُكَ الإنصافَ فيوسُفُ يا حاكِمَ مِصْرَ
نبيٌّ مِنْ صُلْبي
والعبدُ إذا صار نبيّاً يعصمهُ اللهُ
من الذنبِ
إبني هذا ألقاهُ إخوتُهُ في الجُبِّ
ألقوهُ وألقوا باللومِ على الذِئبِ
ونجا، لا يُنجي المظلومَ من الظالمِ إلَّا اللهْ
وبكيتُ دَماً وابيضّت عينايَ من الحُزنِ
عليهِ في منفاه
يا حاكِمَ مصرَ ابني لا يرتكبُ الأخطاءَ
ولا يصطادُ اللذّةَ في عَكِر
فاسأل مَن غلّقت الأبوابَ وقَدّتْ
ثوبَ ابني من دبُرِ
هو مثلي وأنا مِثلُ أبي، وأبي
هل تعرفهُ؟
هل تعرفُ مَنْ نادى اللهُ النارَ لهُ:
أنْ كوني بَرداً وسلاماً، فوقاهُ من اللَهبِ؟
هذا هو، يا حاكِمَ مصرَ، أبي
***
يا حاكِمَ مِصرَ
أعِدْ لي يُوسفَ، حيّاً أو مَيتا
أو بعضاً منه ولا تُلحِفْ في ضرَري
إنّي لأَشمُّ قميصَ ابني عندَكْ
فابعثْ مَنْ يُلقيهِ على وجهي كي يرجعَ بَصري
***
إنّي استغفرتُ لإخوتهِ اللهَ
ولم أحمِلْ إصْرا
فاستغفِرْ ربَّكَ لامرأةٍ آتتْ نُكْرا
واعلمْ أنَّ الله هو الأصدقُ مَكْرا
يؤتي مَن شاءَ المُلْكَ، وينزعُ مِمّنْ شاءَ المُلْكَ،
ويعلمُ ما تُخفي أو أُخفي
سِرًّا أو جَهرا
***
هل تذكرُ يا حاكِمَ مِصْرَ سنابلَ سَبْعاً
تأكلهُنَّ البقرَاتُ السَبْع
هل تذكرُ كيف يُفسِّرُ يُوسفُ
أحلامَكْ؟
هل يستأهِلُ منك ابني السِجنَ بدعوى
امرأةٍ سيئةِ النيّةْ؟
تجمعُ كلَّ نساءِ مدينتها كي تجعلَ
من هذا المسكينِ ضحيَّة؟
لا أدري إنْ كانتْ سيّئةً
لكنْ أدري أنَّ ابني
عَفٌّ لا يأتي الفحشاءَ ولا يزني
هل يزني مَنْ كانَ نبيّا؟
إسألْ يا حاكِمَ مِصْرَ الله يسامحْ تلكَ المرأةْ
إنَّ النسوانَ إذا أحببنَ انسقْنَ بجرأةْ
فالأُولى أنزلتِ المسكينَ ذليلاً
من جَنّةِ عَدْنِ
والأُخرى، ثانيةُ الأولى، قادتْ
قدِيساً للسجنِ
يا حاكِمَ مِصْرَ ارحمْ قلبي
واكففْ دمعاً جَرّحَ عيني
***
يا حاكِمَ مِصْرَ، اكبَرْ بابني
الحاكِمُ يكبُرُ بالعفوِ عن الشُرفاءْ
كُنْ قُدوةَ مَنْ يأتي بعدَكْ
حاذِرْ أنْ تُظهِرَ حقْدَكْ
لا تأخذْكَ الغيرةُ في امراةٍ
مكرَتْ من أجلِ غريزتها الرعناءْ
ما أسقطَ قَبلك من زعماءْ
إلّا التصديقُ بكيدِ نساءْ
أنا لم أكتبْ كلماتي أستجديكْ
لكنْ كي أَهديكْ
فنحنُ، سُلالةَ إبراهيمَ، سيظهرُ
فينا مَنْ يصفحُ عَمّن آذوهُ فيتركُهمْ
طُلقَاءْ
العفوُ سجيّتُنا فتعلّمْ مِنّا
طبْعَ الحُكماءْ
***
د. ريكان إبراهيم