نصوص أدبية
حين يرتجفُ العمرُ
قلتُ لها :
ليتني أُجيدُ الغيابَ
ليتني أُجيدُ الصُّراخَ
ليتني أخرجُ من ظلِّكِ
فالماءُ الذي يجري ضدَّ الرِّيحِ
يغمُرُني ليلَ نهارَ ..
*
في داخلي أشياءٌ وأشياء كلّما حاولتُ أن أُخرجَها كما هي
تتغيَّرُ في خارجي الأشياء ..
*
دفنتُ نفسي في النَّار
فانطفأت من حُمَّى جسدي النَّار ..
*
أُحاولُ أن ألبسَ جلدَ هذا الزَّمان
فتُبصرني العيونُ عارياً كالنَّهار ..
أينَ يأخذني هذا الزَّيف
إلى ضفافِ الأملِ .
أو صحراءِ الخوف؟
*
لُغتي سوطٌ يجلدُني
فتنبعثُ حروفي كعناقيدِ الأفاعي
تلسعُني أو كالشَّوكِ يَخِزُني
فتصحو في فمي صرخةُ الجُّوع
وتضطرمْ بينَ جفنيَّ الدُّموع ..
*
تسقطُ من ذاكرتي كلُّ المُدنِ
وكلُّ الأسماءِ
وكلُّ الأحلامِ البخيلةِ
وكلُّ النِّساء
وأحملُ دَمي على لساني
وأنسُجُ لوحدَتي من خلايا دَمي
خيمةً في العراء ..
*
منذُ أعوامٍ وأعوام
أفتحُ من لغتي نافذةً في الضَّباب
كلَّما حاولتُ أن أنظُرَ إلى الأشياء
أجدُني بلا أشياء ..
*
يا حبيبةُ
كلُّ الطُرقِ إليكِ مُظلمة
كلُّ الطُرق إليكِ صامتة
كلّما ركبتُ طريقاً إليكِ
خرجَ إليَّ ألفُ حائطٍ
وألفُ صخرةٍ
وألفُ جدار ..
*
يا حبيبةُ
كلّما حمَّلتُ الرِّيحَ رسالةً أو عبارةً
أو بعضَ كلمات
رأيتُ الرِّيحَ تُمزِّق الرَّسائل
وتقتلُ العبارة
وتبتلعُ الكلمات ..
*
على امتدادِ هذا العُمر
أقرأُ تاريخي
وأسترجعُ أزمنتي
وأحجبُ الحقائق التي تُعرِّيني وتُعرِّيكِ ..
*
على امتدادِ هذا العُمر
كتبتُ بالجَمرِ سيرتي
وحينَ بدأتُ أرسمُ أوَّلَ حرفٍ من اسمكِ
ارتجفُ عمري بينَ يديَّ
وتنفسَّ الجَّمرْ ..
***
د.عاطف الدرابسة