نصوص أدبية

في الغابة ِ ليس لديَّ مكان

صالح موسى الطائيأخرُجُ الآن جريحاً

من مِحراب وَحشتي...

مِن هَذياني الطويل

مهزوماً بأوهامي المزمنة

تاركاً بيتي الخشبي الملغوم

هذا البيتُ  التابوت الجميل ...

قاصداً أهلي الميتين

بتذكرة ٍ هي نصفُ عمري الشريد

او هي نصفُ موتي البطيء

**

ها أنذا أتـَلـَفّـتُ  في المطار

لا أحملُ غيرَ حقيبتين:ـ

قلبي النابض بالدمع

وبالترقب والانتظار

وروحي المعبأة  برحيل الأصدقاء

**

لمْ أجدْ احَداً ينتظرُني غير العراق

غير دخان ٍ بشريٍّ

يتصاعدُ من سَعف ِ النخل ِ

مخلوطاً بنواح الحمائم

والأمّهات

حيث المدينة قنبلة ٌ

وشحوب ٌ...

وسراب...

أصرخُ مرتجفاً في المطار...

بأعْلى اشتياقي وخوفي

تكسي...

**

تكسي...

خُذني لبابلَ

مشتاقٌ أنا...  منذ عشرين موتا ً

يستهلكني الليلُ

والعمرُ والصبرُ كلّ يوم

مشتاقٌ   لِقبر ِ أُمّي....

........................

.......................

مشتاقٌ لمَن ضيّعَني

......................

يصرخ السائق بي:

إن ّ بابلَ منذ سنين ٍ قد رَحَلت ْ

والمقابرُ قد سُرِقَتْ

(والخضراء) ما زالت تفتحُ فخذيها

للعابرين... وللأوباش

حيث لا دستور غيرُ العورات

وسيكون الحملُ.....

أعوذُ بالله

فأين تريدُ الآن....

قل لي واستعْجلْ ...

فهناك موتى آخرون

ينتظرون ...

أين تريدُ الآن... ؟

**

ليس لدي جواب

ليس لدي غير ان اصرخ ثانية ً:

(لا حِظتْ بـِرْجَيلـْهَ)...

.....................

.....................

فيعود الصدى بسعالٍ ثقيل

(أُوْ لا خَذَتْ سَيّدْ عَلي)

.........................

.........................

(او لا خذت سيد علي)

......................

وفي  الغابة ليس لديّ مكان

حينها لمْلمْتُ كل كياني

ثم اختصرتُ اختناقي ورحيلي

بنزيف الوداع الأخير

وبالرجوع الى التابوت

والثلوج

والذكريات

بلا رأس ٍ

وبلا ذات

***

صالح الطائي

 

في نصوص اليوم