نصوص أدبية

أنا وحقيبتي وخيبات الوجع

يحيى السماويالوقتُ مشلولٌ

وهذا المحجَرُ الحَجَريُّ أعمى

والنوافذُ تشتكي خَرَساً


 (1)

الـوقـتُ مـشـلـولٌ

وأبـعَـدُ مـن سـمـاواتٍ عـن الـقـدَمِ الـمـكـانُ الـمُـرتـجـى

*

كـيـف الـوصـولُ الـى الـضـحـى

والـلـيـلُ مــشــدودٌ الـى جَـبَـلِ الــدُّجـى؟

*

أمــشـي

فــيُــرجِـعُــنـي الـى حـيـثُ انـطـلـقـتُ الـدربُ

مُـنـكـسِـرَ الـخـطـى

وحـقـيـبـتـي تـمـشـي ولا تـمـشـي

يـقـولُ الـعـسـكـريُّ بـنـقـطـةِ الـتـفـتـيـشِ :

جِـئـتَ مُـبَـكِّـراً  ..

عُـدْ

فـالـصَّـبـاحُ ربـاحُ

لا إركـابَ هـذا الـيـومَ فـالـصـالاتُ مُـغـلـقـةٌ

ولـسـتُ مُـخَـوَّلاً لِـتـنـامَ فـي " كـرَفـانِـنـا  "  ..

نَـمْ حـيـثُ شِــئـتَ سـوى هـنـا

فـالأرضُ واسـعـةٌ  ..

ولا مـن فـنـدقٍ فـي هـذه الـصـحـراءِ

فـاطـلـبْ مـن ســوانـا لـلـمـتـاهـةِ مَـخـرَجـا

*

ــ هـل لـيْ بـإيـداعِ الـحـقـيـبـةِ عـنـدكـمْ حـتـى الـصـبـاحِ؟

ــ أأنـتَ تـمـزحُ؟ مـا نـقـولُ إذا رآهــا ضـابـطُ الـتـفـتـيـشِ؟

خـذهـا والـتَـمِـسْ لـيْ مـنـكَ عـذراً  ..

أمْ تُـراكَ تـريـدُ لـيْ أمـراً  مُـهِــيـنـاً مُـحْـرِجـا؟

....

.......

..........

 

أمـشـي

ولـكـنَّ الـحـقـيـبـةَ لا تـريـدُ الـمـشـيَ

هـا أنـذا تـوسَّـدتُ الـحـقـيـبـةَ أســتـحِـثُّ الـشـمـسَ

واسـعـةٌ هـي الـصـحـراءُ

لا مـاءٌ ولا شــجَـرٌ

سـوى قـمـرٍ خـجـولٍ خـلـفَ غـيـمـتِـهِ سَـجـا

*

مُـتـدَثِّـراً  بـمَـلاءةِ الـتـعَـبِ الـمُـذِلِّ غـفـوتُ  ..

أيـقـظـنـي رذاذٌ بـاردٌ

فـنـهـضـتُ  ..

نَـفَّـضْـتُ الـرمـالَ  ..

مـشـيـتُ  ..

لـكـنَّ الـحـقـيـبـةَ لـمْ تـعـدْ تـمـشـي

وأبـعَـدُ مـن سـمـاواتٍ عـن الـقـدَمِ الـسـمـاوةُ

هـا أنـا نـصـفـانِ

نـصـفٌ ضـائـعٌ فـي الـلامـكـانِ

ونـصـفـيَ الـثـانـي يُـجَـرجِـرُ بـالـتـي  تَــمـشـي ولا تــمـشـي

فـتـأبـى غـيـرَ أنْ تــتــدَحـرَجـا

***

(2)

نَـمْ إنْ أرَدتَ فـإنَّ وجـهَــكَ شــاحِـبٌ

ســأقـودُ فـي حَـذَرٍ

وأردفَ ـ سـائـقُ  " الـتـكـسـي " الـمـهـذّبُ " أحـمـدُ بـنُ سـعـيـدِ لـفـتـةَ " ـ (*)

فـالـطـريـقُ الـى الـسـمـاوةِ آمِـنٌ فـدَعِ الـقـلـقْ

*

ســأنـامُ ـ قـلـتُ لـهُ ـ ولـكـنَّ الأرقْ

*

يـأبـى مُـغـادرةَ الـحَـدَقْ

*

مـا حِـيـلـتـي؟ فـالـريـحُ عـاتـيـةٌ

فـكـيـف يُـقـاومُ الـريـحَ الـورَقْ؟

......

.........

...........

 

وغـفـوتُ بـعـدَ  " الـنـاصـريـةِ " ... ربَّــمـا " الـبـطـحـاءِ "  ...

لا أدري

فــقـد كـنـتُ الـغـريـقَ

ولـيـس سـهـلاً  أنْ أفَـسِّـرَ كـيـفَ فـاجـأنـي الـغَـرَقْ

***

(3)

أُدخُـلْ  .. وصَـلـنـا الـبـيـتَ .. لا تـقـلـقْ ..

حـقـيـبـتـكَ الـتـي تـمـشـي ولا تـمـشـي تـغـيَّـرَ طـبـعُـهـا

صـارتْ تـسـيـرُ كـمـا تـشـاءُ عـلـى مِـلاطِ الـبـيـتِ

تـعـدو كـالـغـزالِ إذا انـطـلـقْ

*

شـكـراً عـزيـزي أحـمـدَ بـنَ سـعـيـدِ لـفـتـةَ ـــ قـلـتُ  ـــ ..

غـادَرَنـي ..

وأغـلـقـتُ الـرتـاجَ  ..

رمَـيْـتُـنـي فـوق الـسـريـرِ مُـضَـرَّجـاً بـلـظـى الـرَّهَـقْ

*

الـوقـتُ مـشـلـولٌ

وهـذا الـمـحـجَـرُ الـحَـجَـريُّ أعـمـى

والـنـوافـذُ تـشـتـكـي خَـرَســاً

فـمـا أدري

هـل الــشــفَــقُ  الـذي خـلـفَ الـجـدارِ

أمِ الــغَــسَــقْ؟

***

يحيى السماوي

..............................

(*) أحمد سعيد لفتة: هو سائق سيارة الأجرة الذي أقلّني  من بيتي في السماوة  الى مطار البصرة وأبى أن يتركني وحدي بعد انتصاف الليل حين  تعذّر علينا دخول المطار وتحتّم عليّ الإنتظار حتى الصباح  فقاسمني النوم في الصحراء، وفي الصباح بعد التأكد من تأجيل الرحلة عاد بي الى السماوة ... كان شهماً نبيلا .. 

مطار البصرة / السماوة 19/4/2020

 

في نصوص اليوم