نصوص أدبية
جميل
الْبَحْرُ صَامِتٌ هَذَا الْمَسَاء
وَ الْمَوْجُ مُسْتَلْقٍ عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ
يَنْظُرُ فِي الْفَرَاغِ
يَحْتَسِي ضَبَابًا عَابِراً بِلَا طَعْمٍ
الصَّيَّادُونَ عَالِقُونَ فِي شِبَاكِهِمْ
يُقَدِّمُونَ سِيقَانَهُمْ وَلِيمَةً لِأَعْشَابِ الْبَحْرِ
وَيُغَنُّونَ مُبْتَهِجِينَ
يَا طَيْرْ بِحَقْ السَّمَا الْعَالِي" ..
*تْلِمْ شَمْلِي وتَجْمَعْنِي بِالْغَالِي".
أَمَّا أَنَا
فَأَجْلِسُ الْقُرْفُصَاءَ
عَلَى صَخْرَةٍ صَمَّاءَ
أُرَاقِبُ الرَّمْلَ
يَزْحَفُ بِبُطْءٍ نَحْوَ الْمَاءِ
وَأَنْتَظِرُ مَدَّ الْبَحْرِ مَتَى يَغْمُرُنِي
يَتْرُكُ زَبَدَهُ
قُبُلَاتٍ مُشْتَعِلَةٍ عَلَى خُدُودِي
تُقْبِلُ عَلَيْهَا حُورِيَاتُ الْبَحْرِ
تَصْنَعْنَ مِنْهَا تَمَائِمَ لِأَعْرَاسِهِنَّ الْقَادِمَةَ
أَوْ مَآتِمَ لِأَحْلَامِهِنَّ الْمَوْؤُودَةَ
ثُمَّ تَلْقِينَ بِي لِلْمَوْجِ
أَطْفُو كَكُتْلَةِ نَارٍ عَائِمَة
يَنْشَقُّ قَلْبِي عَنْ حُلْمٍ جَمِيلٍ
أَحْرِقُ كُلَّ رَسَائِلَ عِشْقِي الْقَدِيمَة
أَتْلُو آيَاتٍ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ
وَسُورَةَ مَرْيَمٍ
ثُمَّ أغُوصُ عَمِيقاً فِي حُلْمِي
وَحِينَ يَنْبُتُ الْمَحارُ بَيْنِ ضُلُوعِي
تَهُبِّينَ كَعَاصِفَةٍ فِي دَمِي
كَأَنَّنَا نُولَدُ مَعاً مِنْ جَدِيدْ
حِينَئِذٍ
يَعْلُو صَوْتُ الْبَحْرِ الْهَادِرِ
يَسْحَبُ الصَّيَّادُونَ شِبَاكَهُمْ وَهُمْ يُغَنُّونَ
"الْبَحْرُ طَبْعُهُ الْكَرَمُ وَعَزِيمَتِي حَدِيدْ"*
***
عبد اللطيف الصافي /كلميم – المغرب
.......................
* من أغاني البحر الفلسيطينية