نصوص أدبية
كتابة بأصابع محترقة
ما عادتِ الكأسُ بين الليلِ والخدر ِ
تُقصيكَ عنكَ وعن دوّامةِ الضجر ِ
ولا تهاويم أحلام مراهقة ٍ
مستهزئات ٍ بما عانيتَ من كِبَر
تأتي الطفولة كي ترتد ثانية
إلى بواكيرها في لمحة البصر
ويقتفيها الصِبا في حزنه برِما
بما تبدّى على فوديك من أثر
حتى الشباب فما زالت عواصفه
في أصغريك ولكنْ في خطى حجر
تكفيك بارقة منه اذا اعتكرت
فيك الهموم وغامت ظلمة الكدَر
تقول (لا) حيث (لا) ترتد عاصفة ً
عليك من مَطمَر النهّازة القذر
كما الزهورِ إذا ما شتّ مئزرَها
باغ ٍ تسامت عليه بالشذى العطر
وأنت أنت إذا ما اشتد مُعترَك
أو اجترحتَ طريقا ًبالغَ الخطر
تحدو حداء رياح في مسالكها
بين المفازات تحت الشمس والقمر
تقول: ها أنذا وحدي وراحلتي
وما يجيء به في سره قدري
(الخيل والليل والبيداء تعرفني)
تميمتي حيث أخشى وحشة السفر
كأن (ضبّة) ما زالت مرابطةٍ
في كل منعطف داج ومنحدر
وخلفَ كل نقاب لونُ مخمله
مما ترشّح من ناب ومن ظُفُر
ومن ملامح وجه بان صاحبها
بما يخامره من سِفْلة ِ البشر
ومن بقايا خرافات محنّطة ٍ
ودارسات ٍ من الأوهام والفكَر
تمخض الجهل عنها فانبرت زمرا
كسيحة ًكالحاتِ اللون والصوَر
ومثلما تحجب الآفاقَ عاصفة
من الجراد غزتنا في الضحى النضر
عمياءَ صماءَ لا تصغي لصائحة
ولا تميّز بين العود والشجر
وأطلقت مرضعاتُ الشر ما احتضنت
من الذئاب على فتوى من السُوَر
أن ِ احرقي كلَ سفر مُلهـِم وفم
حر ٍ وكلَ يراع ثاقب ِالنظر
وكلَ قلبٍ جميلٍ رائعٍ ويد
تحنوعلى الجرح أو تحنو على الزهر
وكل من شارك الأطيار غنوتها
على الغصون بعزف الناي والوتر
وكل لون شفيف الروح أو فَطِن
يستولد الشوك َوردا ًدونما حذَر
دعي الشوارع تمشي وهي ذاهلة
مشيَ المحاصَر بين النار والشرر
وللدماء مسيل في جوانبها
كما الفراتين أو يهمي كما المطر
فإن (ضبّة) لم تصبر لثانية
حتى تُبيد نزيل َالسمع والبصر
ومن أماط ظلام الدهر عن ألق ٍ
بما أتاه إلى الدنيا من العِبَر
فانون نحن وندري أن طلعته
شمسُ الصباح وبدر الليل في السَحَر
فكيف نُرديه أو نمحو مآثره
ولم يزل صوتُه صَنّاجة َ العُصُر
وإن من عانق الآفاقَ طائره
فلن تنال مداه ظلمة ُالحفَر ِ
***
ناهض الخيّاط
