نصوص أدبية

فوضى الماءِ

محمد سعيد العتيقأنا في شراعِ المـــــاءِ و الأقداحِ

لغةٌ تسافــــــر في مدى الأرواحِ

*

أسقي الحــروفُ بقطرِ خمرٍ من جـوىً

والراحُ يهنأُ في شَغــــــافِ الرَّاحِ (1)

*

منْ ذا الذي أرخـــــــــى العنانَ لمُهرهِ؟

نـحــوَ المـعالـــــــي في دروبِ فصاحِ

*

بل منْ تمادى في الفــراغِ مســـــاحةً؟

ضــاقَ الفضــــاءُ وليسَ ثَمَّ نَــــواحِي

*

يمشـي كمنْ بتروا بسيفِهِ ساقَهُ

ويتوهُ بين العدوِ وِ الكُسَّــــــاحِ

*

الفُلكُ مسرى الصاعدين إلى العُـــلا

أتنالُ وعد اللهِ دون كفـــــــــــــــاحِ

*

لا لــــن تَـرودَ الكـونَ دونَ فراسـةٍ

أو تـركَـبَـنَّ المَـجــدَ دونَ ســـلاحِ

*

ذُلـلاً مُـتـونُ الريحِ يَـمخرُها الفـتى

إنْ طـــوَّعَ الدنيـــا بقبـضِ الــراحِ

*

و دنا إلى ما بعـدِ مرأى مَنْ يــرى

منْ دونِ ضوءٍ أو وميضِ صبـاحِ

*

حلمٌ لهاتيـكَ النّجـومِ تَـرى الثّــــرى

تِـــبـْرًا يُشـعشـــعُ في يـــدِ الفـــلاحِ

*

هو ذا أنــا أرتــاحُ في كنَـــفِ السُّهى

و مُعمّــــــمٌ ومُدثّــــــرٌ بأقــــــــــاحِ

*

وغدا الزّمـــــــانُ مناهلاً في راحتي

يروي الظـــلالَ الوارفـاتِ بساحــي

*

ألـمي أصُــبـــِّرهُ بصـبــرِ مُـكابـرٍ

و أعَضُّ جُرحــيَ إذْ تئِنُّ جراحي

*

يا نحـــنُ وثبـةَ خائـفٍ وَقَـفَـتْ بنــا

حـدباءَ أعـيــتْ ألْـُـسنَ الشُّــــــرّاحِ

*

و نتوهُ عنْ صرحِ الجمالِ بغابةٍ

و ندورُ بين النَّارِ و الســفَّـاحِ

*

ونحطُّ في صُمِّ الصخورِ تحطُّماً

ونقايضُ الأفـــــــــراحَ بالأتراحِ

*

نَعَـقَ الغــــــرابُ بأفـقِنا فتـثاءبت

شـمسُ الضّحـى بتقاعسٍ و تــلاحِ

*

فامـسحْ دموعَ اللّيلِ بالفجرِ النَّدي

واعزفْ وجيبَ القلبِ كلَّ رواحِ

*

العمـــــرُ يفنـى، و الفـنـاءُ ولادةٌ

في البعثِ، مكتوبًا على الألـواحِ

*

يا عبقريٌّ أيهـــــــــا البدويُّ قُمْ

أسْكِت ضجيجَ الزيفِ و المُدَّاحِ

*

أزرى بعبقرَ ذا الضريرِ وأنت منْ

يسـقي البـلاغةَ من نَميرِ قُـــــراحِ

*

إيهٍ ... و تنزعُ منْ حواشيَّ الجــوى

و الـروحُ ذكرى منْ خُطى الأقحاحِ

*

منْ كانَ يكتبُ منْ مساماتِ الوفا

سكنَ الخلودَ لــدى عظيمِ وشاحِ

*

و يفيضُ ملءَ الوجدِ رغبةَ عاشقٍ

أودى شـهيدًا في عيونِ مِـــــــلاحِ

*

أسمى الثمارِ البكرُ طابَ شرابُها

مهوى القلـوبِ تـمنَّــعَتْ بــرَداحِ

*

فكَّ الأمينُ المحبسينِ منَ الدجــى

فـتحَ السَّــــــمـاءَ لشاعرٍ جحجاحِ

*

الأبجديَّةُ للأنـــوثةِ والصِّــــــبا

تُغــري العبـــادَ بفتنـةِ التّفــــاحِ

*

لا عـفَّـةً تجتـاحُ رغبـتَـنا مـــــــعًا

صدِئَتْ بظلِّ الكبتِ، جـوعُ رِماحِ

*

كُفَّ النواظرَ عنْ مفاتنِ جَفنِها

ليــسَ العبــورُ لقلبِـها بمبـــاحِ

*

في البـالِ أخيـلةٌ تنوءُ بثقلِــــها

تُشقي اللبيبَ بصوتِها المِلحاحِ

*

فلمَ الجُناةُ، العاشِقونَ ؟ وماجَنَوْا

حُجبٌ كسَـــرنَ البـابَ بالمفتاحِ

*

رَهَن المعري قاصراتِ الطرفِ في

عليائِهِ الأحلى بعشِّ جَنــــــــــــــاحِ

*

فالشعـــرُ يُـــزهرُ من رنيـــمِ رِثائهِ

لغـــةَ الغنـــاءِ و بُحّةَ النُّـــــــــــوّاحِ

*

ما نامَ في جوفِ الغمــامِ و ما مشى

فــــــوقَ المــياهِ ولا عــلى الأرياحِ

*

هُو من سديمِ اللّيلِ شــــــعَّ بيـاضُهُ

طلَّ الضحى من وجـــههِ الوضَّاحِ

*

الشاعرانِ مـــعَ التــضاد تســاوقا

نجمــانِ ضـاءا في عمــــاءِ بَراحِ

*

ماضرَّ لوكانَ الرّهانُ على الرؤى

دونَ العيونِ .. منــــــارةَ المـلّاحِ

*

هل تنكرُ المشكاةُ ضوءَ زجاجِها ؟

لو أشــعلتْ مــنْ زيتها مصباحـي

*

للقـــلبِ عيــنٌ ليــسَ تـُنكرُ لـونَها

بيضـاءُ تُـبْحِـرُ في دجــى الأشباحِ

*

و الحـــيرةُ العمــياءُ قعـرُ دوائــرٍ

حـولَ اتـجاهِ ســوادِها الـلّــــمّاحِ

*

عجـبًا لرَيـبِ الدهر يسكنُ أضلعًا

و يعـيــــشُ مقـتـاتًـا على الأفراحِ

*

و يـمـدُّ أذرُعَـهُ الطـــويلةَ مُـثْــبِـتًا

في العـتْمِ روحَ المستهـامِ الصّاحي

*

ما للـنفـــوسِ الأخـشبيّةِ و العــلا

تلهو و ترتعُ في خَنـا الضّحضاحِ

*

الــدرُّ في عمــــقِ المحيطِ قلاعُـهُ

ترنـــو تحـــنُّ للمسةِ الســــــبَّاح

*

ما أجملَ الضدَّينِ حيثُ توسَّـــدا

شعري، ففزتُ بِرتمِهِ الذبَّـــاحِ

***

محمد سعيد العتيقُ

........................

1- الراح: الانشراح والانتعاش

 

في نصوص اليوم