نصوص أدبية

باسم الحسناوي: حنطةٌ للجياع

باسم الحسناويرباعيات الحسناوي (5)


سواءٌ كنتَ حرْباً أمْ سَلامــا

أكونُ لكَ الحبيبَ المستهاما

فإنْ كنتَ الحروبَ فهاكَ قلبي

على الهيْجاءِ ذا حدٍّ حسامـــا

وإن كنتَ السلامَ فهاكَ قلبي

يحلِّقُ في أعاليها حَمامـــــا

أنا أنتَ الحروبُ وما ترامت

أنا أنتَ السَّلامُ ومــــا تسامى

2-

لديني مرَّةً أخرى لأني

ندمتُ على ولادتيَ القديمَهْ

فأجملُ ما أكونُ وأنتِ حبلى

بأطواري المبجَّلةِ العظيمَهْ

أنا الرَّجُلُ الرجيمُ فأيُّ فخرٍ

إذا حبلت بهِ امرأةٌ رجيمَهْ

لهُ ولعٌ بهندسةِ المعاصي

ليبني في المآلِ بها جحيمَهْ

3-

ما لا أقولُ تقولُهُ عَيْنايا

ضاقَ الكلامُ فأحجمت شفَتايا

واللهِ ما حبٌّ سوى بالصَّمتِ

ترجمَهُ المتيَّمُ وهو يعزفُ نايا

أنا إنْ منحتُ الروحَ فهي قليلةٌ

لكنَّ روحي ما احتوتهُ يدايا

خذها إليكَ وقل قبلتُ عروجَها

وجعلتُها لي أضلعاً وحنايا

4-

متى ما يناجي الخليلُ الخليلا

تكونُ الأحاديثُ عبئاً ثقيلا

بأيِّ كلامٍ أقولُ المعاني

لكي بالعباراتِ أشفي الغليلا

إذن سأقولُ بأنِّي اشتفيتُ

وإنْ كنتُ حتى النخاعِ العليلا

وحاشاكَ لستَ البخيلَ بوصلٍ

فكيفُ الحياةُ وتغدو بخيلا؟

5-

أزِلْ همومي بتَقْبيلِ الشِّفاهِ فكَمْ

من ميِّتٍ عندَ تَقْبِيلِ الشِّفاهِ صَحا

لكنَّها صَحْوةُ المَشْطورِ عالمُهُ

شَطْرَينِ شَطْراً حكيماً آخراً شَطَحا

هل سوفَ يُغْنِيكَ سِفْرٌ أنْتَ تكتبُهُ

حتّى إذا اكتملَ السِّفْرُ العناقُ مَحا

إنَّ الحبيبَ سلافُ الحقِّ في نَظَري

شريطةَ الفَمِ أن يُمْسِي لَهُ قَدَحا

6-

أنا مسرعٌ نحو جدبِكِ في الصَّيفِ

أسقيهِ منِّيَ صوبَ الغمامِ

شريعةُ حبي الحلالُ بها

كثيرٌ فلا تهجسي بالحرامِ

إذا قلتُ إني فتىً جائعٌ

دعيني ولا تقبلي بالطعامِ

فجوعي أنا حنطةٌ للجياع

وإنَّ بيوتَهمو من أُوامي

7-

بالماءِ فوق الماءِ دوَّنتَ الكتابَ

وإذ قرأتُ على المياهِ كتابَكْ

قالت أنا أثرَ الشبابِ رأيتُهُ

فيما يخطُّ فهل أدمتَ شبابَكْ

اخطب على جمهورِ مائِكَ ثمَّ قم

لأداءِ فرضكَ إن ختمتَ خطابَكْ

فلربَّما الجمهورُ منك تعلَّمَ

الهيمانَ يا من ما سلوتَ كعابَكْ

8-

نعم يوسفٌ كان يهوى زليخا

وشاءَ لها أن يكونَ الحليلا

ولكنَّها بين جنبيهِ كانت

كمهجتِهِ ثمَّ ماتت قليلا

بذا أصبحت زوجةً للعزيز

وصارَ التماهي بها مستحيلا

فكفرَّتِ الذنبَ عنها وعنهُ

وعادت لجنبيهِ عوداً جميلا

9-

إن أنت حقَّقتَ الغرامَ يموتُ فاحرص

أن يكونَ الحبُّ محضَ نوايا

حتى إذا كتبَ القصيدةَ شاعرٌ

مكسورةً غنَّت كأيِّ مرايا

أما أنا فالخيبةَ العظمى جنت

من كلِّ عاقبةِ الخيالِ يدايا

تباً لقلبي فهو يعشقُ دائماً

وينالُ تقبيلَ الشِّفاهِ سوايا

***

باسم الحسناوي

 

في نصوص اليوم