نصوص أدبية
فينوس فائق: أبعاد اللامسافة
أقف في الباب
قبالةَ الحديقة
على حافة اخضرارٍ أبديّ
أبحث عن تسميةٍ أخرى للطيران
ولونٍ آخرَ يوحي بالزرقة
أبحث عن اسمٍ آخرَ للغياب
تصورٍ آخرَ عن الوجود
وتعريفٍ مختلفٍ للصيرورة
أعود لأعطي تعريفا آخر للوقت
فيؤزمني اللاوقت
بين جناحين و قفزةٍ نحو الهاوية
يؤمكنني اللامكان
بين خطوتين وعودةٍ باتجاهِ الغياب
فأتوه بين أبعاد اللامسافة
**
إن لم يكن وجودي
أنا الإنسان
وتنقلي بين كل هذه العوالم
حدثا
فنشوئي وسطَ كل هذه الأفكار
وكل هذا التأويل
بين كل تلك الأضداد
وكل تلك الخيارات
والألوانِ المبعثرة على الطريق
والسوادِ الذي يتربَّص بي
مختبئا تحت عباءة الريح
هو في حد ذاته
"لا جواب"
عن سؤالي الأبدي
عن:
أين أنا
بين كل هذه الكواكب؟
**
الحياة ليست فيلما رومانسيا
بنهاية سعيدة
أن نلتقي تحت ظل شجرة
أو بين جدران كوخ
على طريق بين ظلال البشر
يؤدي
إلى مجهولٍ
لم يعد مجهولاً
**
في صغري
كنت أتخيل الحياة
بعدة أجزاء
كمسلسلٍ تليفزيونيٍّ مقرف
كنت أرى العوالم
منتشرةً بين الأماكن
واللانهايات
**
كان أبي يمسك بيدي
بقوةٍ
حتى لا أتوهَ منه
وهو يمر بي
بعالمه
كان يخاف عليَّ
يكسوني طويلا
ويضع على لساني قفلاً
حتى صرت أنسى الكلام
وأكره الرجال
**
في عالم أمي
لم أتعلم أكثر
من خياطة بيتٍ
يشبه بيت العنكبوت
يضيع فيه الصوت
وتموت فيه الرؤية
وينمو في أرضه الوجع
حتى كدت أنسى فنَّ السمع
وكدت أكره النساء
**
جدَّتي علمتني
أن العالم كله
موجود في دور العبادة
وأنا معها،
أرسل نظري
من تحت عباءتها السوداء
نمرّ من أمام بابِ المسجد
كنت أبحث عن الله
حتى كدت أنسى أنَّ الله
موجود في كل مكان
اللهُ
يقيم حتى في الفراغات
وبين الجلد و اللحم
وحتى في الهواء
الذي يمر من على قبورنا
**
أن تعيش بسلام
لا يعني أن تضَعَ البندقية عن كتفك
وترمي الرصاصاتِ المتبقيةَ لديك
في قاع البحر
إنما أن تتعايش
مع فكرة الوجود المقيت
أن تتصالح مع الصيرورة من حولك
وأن تغنّي بأعلى صوتك
لموتك المؤجَّل
بينما تنتقل روحك بين الفضاءات
***
فينوس فائق