نصوص أدبية

صادق السامرائي: مَعرّةُ دانتي

صادق السامرائيسلامٌ مِنْ صَبا ألميْ وشِعْري

وإمْعــــانٌ بأفكــــارٍ وأمــــْرِ

 

لإنْسانٍ بهِ الإنْسانُ يَرْقى

وأشْعارٍ هنا بَزَغتْ كفَجْرِ

 

فأحْيَتْ روحَ مَخْلوقٍ يُعاني

جَهالةَ رحْلةٍ في كنهِ سِفْرِ

 

حَسِبْتُ ديارَها ذاتَ انْدِحارٍ

وإنَّ شِراعَها يُذْوى ببَحْرِ

 

وما عَرَفتْ إذا نَظرَتْ سَتدْري

وأغْوَتْ كلَّ طالعةٍ بنَصْرِ

2

كأنّ الروحَ يا (دَنتي) أباحَتْ

عَنِ السلفِ المُعَنّى بالديارِ

 

بآتيةٍ مِنَ الأشواقِ قادَتْ

مَنابِعُها لواضِحَةِ الخَيارِ

 

ومِنْها كلُّ مَعشوقٍ تغنّى

بألحانٍ مِنَ الزَمَنِ المُباري

 

أعانقُ روْعَةً في فيْضِ قوْلٍ

وأشْدو نَغمَةً ذاتَ انْبهارِ

 

أهاجرُ في نَسائِمها وأحْيا

بريقَ الضوءِ أو شُهُبَ المَدارِ

3

أعاتبُها وقلبي دونَ نَبْضٍ

وعَقلي من وداعَتِها كبَدْرِ

 

أبوحُ لها وما باحَتْ وبانَتْ

وترْهنَني بقاسيَةٍ وزَجْرِ

 

وكمْ قالتْ وما فَعَلتْ ونادَتْ

ضَميرُ الخَلق يدْعونا لطُهْرِ

 

وما صَدَقتْ وأخْفَتْ ما أرادَتْ

بتضْليلٍ وتوْهيمٍ وذُعْرِ

 

فمِنْ لهَفٍ ومَوْجَدَةٍ وشَوْقٍ

إذا صَدَحتْ مَناقِبُها ستُبْري

4

أسائِلها ورأيٌ إبنُ ظنّي

وأخْشاها إذا رقدَتْ بحُجْري

 

تُعانِقُني وروحي لا تَراها

وأنّي مِنْ مَساوئها بخُسْرِ

 

فعُدْ نفساً تأجِّجُها بقُبْحٍ

أمانيُها كساعيةٍ لغَدْرِ

 

وإنْ سُجِرَتْ بنيرانٍ تَنادتْ

فقد عَذِبتْ بأجّاجٍ ونَحْرِ

 

وكمْ سَرَقتْ مَعانيها وطافَتْ

بعنوانٍ وذو العَيْنَينِ يُغري

5

سَلوا وَجَعاً بأوْجاع تحلّى

وأحْراراً إذا حَنَّتْ لأسْرِ

 

ومَرْهوناً بأصْفادٍ وذِكْرى

وأفئدةً وقد هَتَفتْ بذِكْرِ

 

ومَجْروحاً بجارحَةٍ وأخْرى

أباحَتْ عنْ ضَراوَتِها بنُكْرِ

 

وأوْفَتْ كلّ مألومٍ مُناهُ

وأشقتْ إبنَ داعيةٍ لعَقْرِ

 

وما بلغَتْ بنا الأيّامُ شأوا

ولا فتَحتْ لنا أمَلاً ببُشْرِ

6

جَحيماتٌ مِنَ النيران تُرْوى

وأبْدانٌ إذا كَبُرَتْ لحَشْر

 

وعاصمةٌ مِنَ الإغْراقِ غَرقى

وشاهِدةٌ على زمَنٍ سَتُضْري

 

تَدورُ بحالِها والناسُ حَيْرى

وما هَجَعَتْ ولا حَلِمَتْ بخِدْر

 

وكمْ عَصَفَتْ وأشْقتنا جَميْعاً

ودامَتْ في مُداولةٍ وعُذْرِ

 

صَحَوْنا عِندَما قالتْ تَعالوا

فغِبْنا عنْ مَواطِنها كنُذْر

7

بريئٌ ما جَنى أبداً ويَبْقى

لهُ ذكرٌ ومَنْحوتٌ بتِبْرِ

 

أرادَ وجودَها أدباً وعلماً

وأنْواراً يُساقيها بصَبْر

 

وكمْ حَمَلَ المآسيَ دونَ عَجْز

وداواها بإبْداع وفِكْرِ

 

وأضْفى كوْنهُ فوقَ إكْتنانٍ

تنامتْ روحهُ وسَعَتْ بحُرِّ

 

تماحَتْ كلُّ آتيةٍ وغابَتْ

وقد بقيَتْ مَعالِمهُ بقبْر

8

فمِنْ هذا ومِنْ أرَبٍ ومَجْدٍ

تَولدَتِ الروائعُ رُغْمَ عُسْرِ

 

مُجاهِرَتي بقاسيَةٍ وأخْرى

أرى سُحباً تُداهِمُنا وتَجْري

 

ومَنْ بَلغَ المَعاليَ جاءَ مَجْداً

تولاها برائعةٍ وفَخْرِ

 

فذكّر ذاتَ إبْداعٍ تَجَلّى

وساهِمْ في سَعادتِها بجَهْر

 

"مَعرّيْ" قد تَعاطاها بزُهْدٍ

وإبْحارٍ بخافيَةٍ بصَدْرِ

9

حَضاراتٌ لنا والناسُ غَفْلى

ومِنْ جَهْلٍ أرى ظهَرَتْ بغَيْرِ

 

عَناصرُها بأعْماقي وروحي

وفَحْواها يُسابقُني ويُثْري

 

وليْ فوقَ العُلى بُرْهانُ حَقٍ

أواطِنهُ ويَحْميني ويُقري

 

فهلْ ظهرتْ وما عُقِلتْ فخابَتْ

وأضحَتْ ذاتَ إحْجامٍ وسِتْرِ

 

عَصائبُها كأشلاءٍ تَناهَتْ

وأشواكٍ بباديةٍ وصُحْرِ

***

د-صادق السامرائي

منشورة في 2\1\2013

...............................

* دانتي هو الشاعر الإيطالي صاحب الكوميديا الإلهية، وهذه الكلمات معظمها مكتوبة قبالة البيت الذي كان يسكنه ، في مدينة فلورنسا الإيطالية بتأريخ 14\11\2012 الساعة الثانية والنصف ظهرا.

 

 

في نصوص اليوم