نصوص أدبية

باسم الحسناوي: أوركسترا مدنٍ لا تنام

باسم الحسناويكلَّما غنّى سمعَ خلفَهُ أوركسترا مُدُنٍ لا تنام

كلَّما مدَّ يدَهُ لامرأةٍ في الخيال

رأى رأسَهُ ينأى بعيداً بعيداً

ولا يستغربُ طبعاً

فعلى ثقةٍ هو من أنَّها

لو اقتصرت على أحلامِهِ

فلا بدَّ من أن يكون جمالُها أشبهَ شيءٍ بالمقصلة

كلَّما شاءَ أن يقبِّلَ ثغرَ حبيبتِهِ

أشعلَ الحبَّ حرباً في فضاءِ قبلتِهِ

حرباً ضروساً

من طرازِ ما يكونُ الظافرُ بحياتِهِ فيها

مولوداً من رحمِ قبرِهِ

فيظلّ مشدوهاً أمامَ رغبتِها

حتى يجرِّدَ من غمدِ رغبتِهِ سيفاً

فلا يتمّ مهمَّةَ العشقِ في تقبيلِ حبيبتِهِ

لأنها وجِدَت على حافَّةِ السيفِ طيفاً

ولا يرى حلاً لمعضلةِ الهيامِ بها

إلا بأن ينتهزَ فرصةَ الفراغ

من الإجهازِ على خصومِهِ كلّ على حدةٍ

فيقف للحظةٍ باسمِها مرتجزاً

حالةَ الطقس يعرفُها تماماً

من خلالِ الرعشةِ في دماغِهِ

العواصفُ من هناكَ تبدأ

المطرُ يلقِّحُ نفسَهُ بالهطول

من خلالِ كثافةِ الفكرةِ في بؤرةِ القصيدة

إلا أنَّه وهو خبيرٌ بحالاتِ الطقسِ قبلَ الحدوث

يجهلُ شيئاً وحيداً

وهو أنَّ دماغَهُ أحياناً

يضحِّي بذاكرتِهِ

ليزدادَ المجازُ حدَّةً

فلا يعودُ مهمّاً عندَهُ

ما يترتَّب على معرفةِ طقسِ الأشياء

من أثرٍ

المصابونَ بالهستريا

ضحايا الشيزوفرينا

مدمنو المخدّراتِ من كافّةِ الأعمار

أقلُّ من اتّزانِهِ للجنحةِ جنوحاً

بل إنَّه لَيقولُ عن نفسِهِ

إنها تموءُ أحياناً كقطّةٍ وحشيّةٍ

فلا يكونُ العالمُ آنئذٍ إلا فأراً

ولأنَّه يدركُ تماماً

خطورةَ موقفِهِ

لو أنهُ سدَّ جوعَها بلحمِهِ

كانَ يفضِّلُ أن يشدَّ على بطنِهِ حَجَراً

مخافةَ أن يهوي وجودُ الأشياءِ في الفراغ

***

باسم الحسناوي

 

 

في نصوص اليوم