نصوص أدبية

زهراء لطيفي: طلقة

زهراء لطيفيأخمدت السّيول وغمرت الفيضانات شوارع المدينة. أغلقت جميع المكاتب والمدارس والجامعات. فوجئ الجميع بحجم الفيضانات الّتي أدت إلى خسائر كبيرة في قسم المحاصيل والطّرق و...

اشتكى المزارعون واحتجوا أمام مندوب الحكومة الّذي جاء إلى القرية.

يقول أحدهم:

- نحن لسنا فقراء.

يصرخ الآخر بعصبية:

- نحن نطالب بحقوقنا فقط.

شقّ رجل طویل القامة، سمين وذو بشرة

داكنة صفوف النّاس وتقدّم وقال بصوت مبحوح:

"اسمعوني جيّداً، السّيّد عدنان لا يفهمكم الأفضل أن تتحدّثوا إليه باللغة الفارسيّة.

تعالى الضّجيج وارتفعت الهمهمة وتعالت الأصوات:

- كيف لا يفهمنا؟!

- إنه أحد أبنائنا.

بعد التّحيّة والسّلام بدأ السّيّد عدنان يخاطب النّاس:

- عزيزان توجه داشته باشيد، دولت در جريان تمام مشكلات شما قرار دارد و به زودى تمام آنها رفع خواهند شد.

كان هناك من يضحك، ومن يسخر ومن يبكي على حظه:

- أتى ليحل مشاكلنا ويقول لا يفهمنا!

انتهى لقاء المندوب عدنان بأهالي قرية رمضان وعاد إلى البیت خالي الوفاض. كان يوم مرهقا بالنسبة له لأنه لم يستطع التّواصل مع النّاس، وإن معظمهم لم يفهموا لغته.

 

في مساء نفس اليوم خرجت زوجة عدنان مع أطفالها الصّغار إلى ساحة البيت وهي تغني معهم:

"الواحد هو ربي

 اثنان ماما وبابا

 ثلاثة هما إخواني

 أربعة هما أصحابي

خمسة أصابع يدي

 ستة أقوم من نومي

 سبعة أروح إلى مدرستي.."

منذ أن تزوجت زینب من عدنان، لم تكن  تتحدّث باللغة العربيّة كثيرًا، ومنعت من التّحدّث إلى أطفالها حيث يطقطقون في أذنيها أنّ اللغة العربيّة ليست مفيدة لهؤلاء الأطفال، وأن الجميع سوف يسخر منهم عند دخولهم المدرسة.

ولكن الورشات الأخيرة الّتي كانت تشارك فيها برفقة إحدى صديقاتها جعلتها تفكر وتسعى أن تدّرس اللغة بشكل جيّد وتمارسها مع صغارها.

بدأت السّاعة تقترب من الخامسة وبدأت الأمطار تهطل وتهب الرّياح الباردة

ولكن زينب تابعت الغناء تحت المطر وكأن نورا قد نزل في قلبها.

كانت أصوات الأطفال لا تزال تجول في ساحة البيت عندما فتح السّيّد عدنان مصاريع النّوافذ باشمئزاز وهو يصرخ:

- لغتي هويتي، هع هع...

***

زهراء لطيفي

أهواز/ ربيع الأوّل/ ١٤٤٣

 

 

في نصوص اليوم