نصوص أدبية

صادق السامرائي: حضارتنا!!

صادق السامرائيحَضارةُ عَصْرِنا مِنّا سُقاها

وقدْ كَبُرَتْ فأغْواها عُلاها

 

سَحائِبُ فيْضِنا ذهَبَتْ إليْهمْ

وجادَتْ في مَرابعِهمْ حَياها

 

فكانوا أمّةً عَهَدَتْ ظلاماً

وتَضْليلاً يُسوِّغُهُ دُجاها

 

فأشْرَقَ نورُنا في عَقْلِ قَوْمٍ

فَصارَ العِلمُ نِبْراساً وَجاها

 

وبَعْدَ مَسيْرةٍ ذاتِ انْطلاقٍ

تَخَمَّدَ وَعْيُنا وطَغى رَداها

 

وأضْحى الديْنُ عُدْواناً عَليْنا

وعِشْنا أمّـــةً قَتَلتْ أباهـــــا

 

تَعَطّلَ عَقلُنا والنَفسُ سادَتْ

وإنّ الفِكْر ما يَوْماً وَعاهـا

 

فَطاشَتْ في مَواطِنِنا رُؤانا

وحابِلها ونابِلها أساهــــــا

 

وبَعْدَ تَجايُلٍ فيْهِ احْتراقٌ

تَدَرَّسَ شاهِدٌ وبَدى بَلاها

 

فهَلْ عَرَفَ الجَديدُ بها قَديْماً

وَهَلْ عاشَتْ بأجْيالٍ سِماها

 

أرانا أمَّةً ذُبِحَتْ بغَدْرٍ

فكمْ نَهَضَتْ وأرْقَدَها حُداها

 

عَلامَ القوْلُ في سَبَبٍ بَعيْدٍ

وإنَّ سُلوكَنا داءٌ أتاها

 

نُكَرِرُ فِعْلةً ذاتَ انْهِزامٍ

ونَقْتلُ بعْضَنا وبِنا ضَراها

 

تُسَجِّرُنا الأعاديُ كيْفَ تَهْوى

فأصْبَحْنا لنيرانٍ غَضاها

 

عَلائمُ ضَعْفِنا قَوْمٌ تَلاحَتْ

ولا يَوْماً بها بَلغَتْ مُناها

 

تَخَبّطَ عالِمٌ بأذى جَهوْلٍ

فَعانى مِنْ مَتاهاتٍ طَواها   

 

أ مِنْ غَفَلٍ وتخْنيْعٍ وذُلٍّ

مَساوئ خَطوَةٍ صَنَعَتْ خُطاها؟

 

تَدوسُ رؤوسَنا أقدامُ سُوءٍ

ويَرْجِمُنا التَناحُرُ إنْ تَناهى

 

رأيْتُ وفودَها تُدْحى بضَيْمٍ

وحِرْمانٍ وأكْثرهُمْ نَعاها

 

وما قالَ اللبيبُ بها مَقالاً

ولا نَطقتْ بواعِدَةٍ كُماها

 

ذَكاءُ شبابِها يُطْمى ببِئْرٍ

وإنَّ غبيَّها يُدْعى حَجاها

 

متاهاتٌ منَ الأوْهامِ طافَتْ

تُعَلّلُنا وقَدْ أبْلَتْ قِواها

 

عَجائِبُ أمَّةٍ في عَصْرِ عِلْمٍ

رَفيدَةُ كُلّها جَهْلٌ غَزاها

 

فدَعْ عَنكَ التَنابُزَ بالخَطايا

وباشِرْ مُنْجَزاً أبْدى جُماها

 

جَواهِرُها مُطمَّرةٌ بيَأسٍ

فهَلْ مِنا الذي يوْماً دَعاها؟

 

 حَضاراتٌ بأعْماقِ البَرايا

يُبَيّنُها التَفاعُلُ في رُباها

 

تَوهَّمَ جاهِلٌ وكَبى خَنوعٌ

وأفْنى في مَرابِعِها سَناها

 

هيَ الدُنْيا بِلا مَدَدٍ أصيْلٍ

تَحَطمَ مَجْدُها فهَوى لِواها

 

فكُنْ فيها أَسوداً إبْنَ أُسْدٍ

فإنَّ الغابَ تَحْكُمُها قِواها

 

تَطيْشُ سِهامُها بيْنَ الضَحايا

ولا تَدْري الذي وَهَبَتْ رَماها

 

تَجَنْدَلَ قاتِلٌ بَعْدَ اقْتِتالٍ

وإنَّ القَتْلَ مِنْ قَتْلٍ رَواها

 

تَساءَلَ غافِلٌ ورأى بَقيْلٌ

فَكانَ جوابُها وَجَعاً شَكاها

 

فلا تَرْجِمْ قِلاعاً ذاتَ جُنْدٍ

ولا تَهْربْ إلى حُصُنٍ سِواها

 

تَعالى فَجْرُ أجْيالٍ أضاءَتْ

فَضاعَ مِنْ تَفتُّحِها شَذاها

 

تُقَلِّقُنا حَوادِثُها فدامَتْ

على قَلَقٍ وما ألْقتْ عَصاها

 

بماضٍ جاءَ وفداً مِنْ سَرابٍ

كأسْرابٍ يُسابِقُها فَناها

***

د. صادق السامرائي

23\11\21

 

 

 

في نصوص اليوم