نصوص أدبية
أبو الخير الناصري: هكذا تكلم عابر سبيل
في القفص طائران يتناجيان. أدنو منهما. أصغي في اهتمام، ولا أفهم..
أجلس أمامهما طويلا، وأسأل:
- هل مِن ترجمةٍ إلى لغة البشرية؟
يكفان عن النجوى، وأسمع صمتا يقول:
- لن تفهم لغة الحرية!!
- 2 -
عن يمين المكتب وردة، وعن يساره وردتان.
قالت الأولى: أنا الأحلى؛ لي عبيرٌ ولا عبير لكما.
وقالت الأخريان: نحن الأجمل؛ تذبلين ولا نذبل.
وهناك..في الزاوية المهملة جلست سَلة كبرى ترقب المشهد في ابتسام.
- 3 -
وضعت أوراقا وأقلاما أمام طفل ألثغ، وسألته في تودد:
- بأيّ هذه الأقلام تفضل أن تكتب؟
نظر إلي مبتسما، ثم أدخل جيبه في جيبه الأيسر، وقال:
- أفضل أن أكتب بـ"ألمي".
- 4 -
سألت شيخا في الشاطئ أعرفه منذ الطفولة:
- كيف حافظت، مع طول العمر، على هذا الضياء؟
حدق في عيني قليلا، ثم قال:
- لم أحلم يوما بالقبعات..اكتفيتُ بـ"شاشية" ألقيها أرضا، كما ترى، وأمشي تحت شمس الله لأعانق الماء دون غطاء.
- 5 -
في اليابسة قارب يأبى البلل. أسأله:
- فيم مكوثك أيها البطل؟
يشير إلى الماء في هزء ويقول:
- ما عاد يغريني هذا الخبل.
- 6 -
قال الغريق في بحر الهوى:
- أحلامي بسيطة: بيتٌ من قصَبْ، وقلبٌ من ذهَبْ.
وكلازمةٍ في أغنية قديمة ردّت سيدة الأحلام: "ذهَبٌ ذهَبْ".
- 7 -
اقترب النادل من العجوز الذي اعتاد المجيء منذ أسبوع، وسأله مبتسما:
- "كالعادة، سيدي، قهوة مع الحليب؟"
أومأ العجوز برأسه إيجابا والقلبُ يقول:
- "نعم، قهوة مع الحبيب".
***
أبو الخير الناصري
أصيلا صيف 2021م.