نصوص أدبية
زهراء لطيفي: أمنية صادمة
إن خبر وفاة شخص ما بحد ذاته قاس وموجع، ماذا إن كان هذا الشّخص امرأة شابة، فيبدو أن مرارته وألمه سيزداد، وإذا كانت الشّابة المتوفيّة حائزة أيضاً على المرتبة ٧٠ في الامتحان التّنافسي المختص بدخول الجامعات، فسوف يتكاثر حزننا وألمنا. الخبر الّذي نُشر قبل يومين، للأسف، احتوى على جميع العوامل المذكورة: "دخلت فتاة تبلغ من العمر ١٩ عاماً من الأهواز، الحائزة على درجة ممتاز في الامتحان التّنافسي لدخول الجامعات، في غيبوبة بسبب عملية تجميل. وبحسب العلاقات العامة بجامعة الأهواز للعلوم الطّبية فإن فتاة الأهواز أصيبت بنوبة قلبية بعد حقنها بدواء لإجراء جراحة تجميلية من قبل غير متخصصين في إحدى عيادات الأهواز، وبعد عدة مراحل من الإنعاش القلبي، حاول الطّاقم الطّبي إنقاذها ولم ينجح »
يوميّا تخضع العدید من النّساء إلى عمليات التّجميل؛ كتعديل الأنف، أو حقن الشّفايف أو شفط البطون، أو تصغير الأرداف، أو تصفیف أسنانهن و...
لكن هل سبق لك أن تساءلت حقاً عن سبب اتخاذ النّساء لمثل هذه الإجراءات الّتي قد تكلفهنّ حياتهنّ؟
هل تقوم النّساء حقاً بهذه الأشياء لإرضاء أنفسهن أم لجذب الرّجال فقط؟!
هل رحلة البحث عن الزّوج أو كسب ودّه مهمة لدرجة أن تقوم المرأة بمثل هذه الأشياء وما مدى نجاحها حقاً؟!
كان معظم الأشخاص الّذين يأتون إلى العيادة من النّساء. كنت أسمع لوعاتهنّ وحكاياتهنّ المرّة والموجعة مما جعلني أكثر وعيا.
يومها كان الجوّ حارا وكانت أغاريد العصافير تملأ البستان شدودا وغناء.
مع تفشّي فيروس كورونا انخفض عدد المراجعين مع ذلك کنا نضطر إلى فتح النّوافذ من وقت لآخر لتنقية الهواء في الغرفة.
عند الأصيل اقتحمت العيادة فتاة سمراء ذات بشرة داكنة وابتسامة باهتة حيث غطّى الاصفرار قسمات وجهها المشوّه ومنحها ذبولا وانهياراً.
حينها كنت أعدّ الشّاي للمستشارة، طلبت منها أن تنتظر قليلا وتملأ الاستمارة حتّى أدخلها.
مريم صفوان، خريجة مجستر حقوق من جامعة شمران و...
تسلّمت الاستمارة وأرشدتها نحو المكتب لم يمر وقتا طويلا حتّى قامت المستشارة وتركت الباب مفتوحا عادة لم تفعل ذلك ولكن على ما يبدو فيروس كورونا أقلق الجميع.
اختلطت زقزقة العصافير مع صوتها الرّقيق والنّاعم وحجبا عني التّنصت ممّا أجبرني على إحكام النوافذة وأفتح أذنيّ بإمعان.
-" هل أجبرك أم أنت التي أتخذت القرار؟
-" لا، لم يجبرني أحد، بل أنا من اتخذ القرار.
-" هل تعرضت لحادث سير أو ما شبه؟
-" لا.
-" إذن ما هو السّبب وراء هذا التّشوه؟!
-" فقط أردت أن أكون جميلة وجذابة في نظره.
انهارت مرة أخرى وشرعت بالبكاء دون أن توضح الأسباب
همت المستشارة وسألتها:
-" هل حصل هذا؟!
-" لا، خرج ولم يعد.
***
زهراء لطيفي