نصوص أدبية

عقيل العبود: مقبرة السواقي

عقيل العبودذات يوم من نهارات صمت أثقله البرد، جلست في حضرة مملكة تسكن عند أرضها السواقي، هنالك حيث يستعرض الضوء قافلة الليل المطعونة بالزمهرير، والعواصف، أمست الأشجار تشكو أحزان أمومتها، تنقب عن أصداء وطن التهمت مرابعه حراب الموت، وأسلحة السياسات المزهوة بأروقة الكراسي، أما النخيلات فقد بدت شاحبة تفتش عن رائحة النور، وعطر الحياة.

استعرض الشعاع موكب الشفق، أخذ يحكي عن اسطورة يعود تاريخها إلى حقبة حكمتها قصور الملوك منذ عصور السلالات القديمة.

صرت أنصت إلى لغة الأصوات المدفونة خلف الأشجار، أتمعن في وجه الشمس، وطريقة انسياب الماء، تمهل الديجور قليلا ، انحنت السماء، غارت النجوم، انطلقت الموجة تبحث عن عناء روحها المتعثرة.

أضحت الأشجار الشاهقة تشعر بالوهن، داهم أغصانها الوجع؛ عانق جذعها الهرم ،استغاث النداء، هتفت وردة الأحزان؛ راح يستنشق رحيقها السنا، أغمضت عينيها قليلاً، توزعت الأنهار عند أطراف نهاياتها المدقعة.

 أعلنت الغربان نعيق أشجانها، راحت تتحدث مع السواد عن نشيد غربتها، التفت الملائكة عند وصل سجودها، وجدتُ حمورابي قائما في المحراب يكتب قوانين شريعته الجديدة، بينما طارت أسراب العصافير بعيداً؛ ذلك بحثاً عن حقول قمح بها تختصر السنابل مشقة ارتحالها المؤجل.

 

عقيل العبود

في نصوص اليوم