نصوص أدبية
احمد الحلي: صائدُ الفَراشات

تُرهِفُ أُذُني السمعَ
لوقعِ الخُطوات
ثمّةَ خطوٌ غائبٌ
هو ما يجعلُني
أضيع
*
كثيراً ما أوهمُ نفسي
بأني قادرٌ على احتواءِ
فراقِكِ
وأني متماسكٌ بما يكفي
لمواجهةِ الصِعاب
لكن ، بمجرّدِ أن
تبتعدي عني قليلاً
حتى أجِدَني
أتبعثرُ بكلِّ اتجاه
*
خلالَ الحربِ
حرِصتُ أن أتوارى
عن الأنظارِ
لكن،
وبعدَ أن اختبرتُ
تداعياتِ فراقِكِ
ذهبتُ إليها طائعاً
فهي بالنسبةِ لي
لم تعد سوى
نُزهة
*
وضعتُ على رأسِ فزّاعةِ الحقلِ
خوذةً وجعلت بين يديه بندقيةً
بعد قليلٍ حطّ على كتفِهِ طائرانِ
قالَ الأولُ للثاني : يبدو أن صاحبَنا
تم استدعاؤه للخدمة الإلزاميةِ
ثم ذرقا عليه وطارا
***
صائدُ الفراشات
فرحَ كثيراً وهو يرى هذا الكمّ الكبيرَ من الفراشاتِ الملونةِ بحوزتِهِ ، لا سيما وأنه كانَ ينوي تحنيطَها ثمّ لصقَها في دفترٍ لديه ، كان يُخرجُها بعنايةٍ من الكيسِ وهي بآخرِ رمقٍ خوفاً من أن تتقصّفَ أجنحتُها إلا ان يديه إمتلأتا برذاذِها ، مدّ يدَه فأمسَك بواحدةٍ أعجبته وراحت تخفقُ بين يديه ثم انفلتت لتهربَ وتطيرَ . ترك كيسَه وركضَ خلفَها لكنها كانت تروغ عنه لتحطّ هنا وهناك قريبا منه فيخالُ أنه يستطيعُ الإمساكَ بها .
وظلّ يركضُ وراءَها طوالَ حياتِه من دون جدوى .
***
لا أملكُ في هذا الليلِ
سوى قيثارتي وعزفي
ليس بوسعي
أن أكتُمَ شجني
أو أوقِفَ نزفي
*
أُسقِطَ في يدِ النهرِ
فها قد انتصفَ الشتاءُ
ولم تعُد نوارسُه
- "ليس ثمّةَ ما يُبقيني
واقفاً عند الضفّةِ"
هذا ما قالَ حارسُه
***
احمد الحلي