نصوص أدبية

البشير عبيد: اقاليم الدهشة

في الهزيع الأخير من الليل

تمر العربات حذو الخيام

ليس في المكان القصي مباهج للروح

و ليس لاحفاد القبيلة

كلام يباغب خصوم الوردة

هنا قرب الشارع القديم

ينام قبل الغروب أولاد القرى

وعلى الضفة الأخرى من الزمان

تاتي القوافل بلا ينابيع

هنا تلتقي الأجساد كانها اتية من بعيد

ليس لفتيان الضواحي

دفاتر و موسيقى

لهم ما خباته الفصول

وذاكرة الحناجر

هنا صوت الشيخ الضرير

يصعد الى الاعالي

يسافر إلى ضفاف المدى

يربك القابعين في ظلام النفق

يصيح في الجموع:

لا خوف بعد اليوم

الحبر المشاكس لي

ولهم ذهب المدينة و الحريم

النشيد الذهبي لي

ولهم ورقات الغيم و انفتاح الرؤى

على المكان القصي

في الهزيع الأخير من دهشة الرؤيا

ينام فتيان الضواحي

بعيدا عن صمت القرى

للتخوم انكسارات و تيه العابرين

ليس في المدينة الهاربة من الاضواء

صبايا

في الضفة الأخرى من الزمن البعيد

تباغتنا العربات بلا مياه أو موسيقى

تعانقنا ورقات السنديان

نحن هنا كابهى ما يكون النشيد اليتبم

لنا دعاء الامهات و ذاكرة الحناجر

لهم ورقات الغيم

وارتباك شيخ القبيلة

وما خباته الفصول

ايتها الروح لا تهابي سياط الزمان

الصوت الطالع من حنجرة الفتى القروي

هو الصاعد إلى الاعالي

و الذاهب إلى الاقاصي

في الشارع القديم صيحات و رؤى

و إنفلات الصوت من الاسوار

لا خوف بعد اليوم

تاتي القوافل بلا ينابيع

وترتبك الاصابع حين يلتقي العشاق

قبل الغروب

اجساد فتيان الضواحي جاهزة

للرحيل

هنا قليل من نبيذ الروم

وما حملته الشاحنات من زهر و لوز

وما ابقته لنا العواصف من دروب....

في الضفة الأخرى من المكان القصي

أصوات خارج السرب

وسياط قرب التخوم

رعايا على الاسفلت

رعاع في صدارة المشهد

رعاة بلا مياه أو موسيقى

من ينصت لفتيان الفيافي حين يكون

الكلام الفصيح عصيا على الانكسار

للدهشة اقاليم

و للروح مباهج و بهاء

لا يربكه جحيم الزمان....

***

البشير عبيد

شاعر و كاتب تونسي

24 افريل/ نيسان 2022

 

في نصوص اليوم