نصوص أدبية

البشير عبيد: بعيدا عن سراب المدينة

قبل مجيء امراة النور إلى المكان

المتاخم للضباب

كان الرجل الجسور يعبر الجسر

العتيق

يسير وحيداً بعيدا عن بهاء الرخام

الجندي الجريح يسال عن وجاهة

المعركة

هنا التقى المتخاصمان

السيف والوردة

العاشق والعشيقة الباحثة عن عناق

لن يجيء

كم من الوقت يكفي لانتظار المدد

حروب هنا في الشرق القديم

ولا أحد يعرف متى يتلى البيان الأخير

امي التي اسمها آمنة تقول لي فجر كل يوم:

كن بعيدا عن سراب المدينة

كن قريباً من بهاء الكلام

حبرك الذهبي هو السند

حين يغيب عن البلد الرجل الجسور

كيف نسيت صوت فيروز ومارسيل

و لم تذهب سريعا إلى خيام العابرين

لا تخف من صلف الرعاع

صوتك العالي صادم للقابعين في الظلام

صمتك أعلى واعلى من ضجيجهم

في المقاهي

*

قادماً من مدن الثلج والرماد

تراه العيون لا يهاب لهيب العاصفة

ربما ارتوى من ماء الاساطير

واخذته خطاه إلى ينابيع الرؤى

فجأة يباغت حارس المقبرة بالسؤال:

لماذا يخافون من الاتي.....؟

واجسادهم غارقة في مياه الخوف

هنا التقى الصوت والصدى

الرحيل والبقاء

الذهول والانكسار

رخام القصور وذاكرة الانين

أطفال التخوم واللافتات

صوت خفي يخرج من الاسوار

والنشيد الذي تنشده الحناجر

لا تردده الافواه الباهتة

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة

هنا بلاد وأحفاد ورايات

هنا امي تطعمني حليب الانحياز

صبيحة كل يوم تقول لي:

لا تخف من غيوم المكان القصي

ليس لك من سبيل سوى الرحيل

إلى بهاء الكلام

حرفك الذهبي هو البوصلة

واخضرار الجسد العليل

قبل ذهاب أولاد القرى الى الينابيع

خذ ما تبقي من ثمرات الفصول

والاغنيات العتيقة

امي لا تنام على رصبف الخوف

تقول لي فجر كل يوم:

أكتب يا ولدي ولا تلتفت للرعاع

صمتك أبهى من ضجبج القطيع

لا تخف من زيف هذا الزمن اللعين

أكتب ورقاتك الحبلى بالبهاء

ففي البدء كانت العاصفة

معك الله وذاكرة الأيام وانفتاح الحبر

على الاسوار

هنا بيادر ودفاتر وصيحات الحناجر

هنا تخرج الاصوات من النفق القديم

وترفع الرايات قبل الغروب

لنا ما ابقته الفصول

من ثمرات وحكم الاجداد

ولهم ضجيج الازقة وتيه المرحلة

***

البشير عبيد

شاعر وكاتب تونسي

05 جويلية/يوليو/تموز 2022

 

في نصوص اليوم