نصوص أدبية

طلال الغوّار: القصيدة تبحث عن زمن آخر

ايتها القصيدة

إلى اين تمضين بي

والجهات جميعها  تسير معي

لماذا حينما اكتبكِ

تنثرين غبار الأسئلة

فينبتُ اشواكاً في احداقي

وتبدأ متاهتي

إنه الزمنُ

لم يعدْ صالحاً للشعر

تختنق فيه القصائد

برائحة  الطحالب والشوائب العالقة

هل لي ان ابحث عن بهاء لها

كي تتنفسَ

فليس ثمّة من يخيط لي صباحاً نقياً

واترك غزلان قصائدي

ترعى في خمائله

حسنا

سأفتح نافذةً

واطلُّ منها على الحياة

أليس القصائد تنمو في اتساع الحياة

سأكتب عن تلك الشجرة

التي تتكئ على  رأس الشارع

ولكني لا اريد أن تكون قصائدي

خضراء ووادعة

فقد تداهمها البغضاء

سأكتب عن ذلك الرجل

الذي يمرُّ امامي

وهو يمتطي حصاناً اشهب

ولكن ستنهمر على رأسي التواريخ

فاسمع دربكات الخيول

تشقُّ طريقها في الغبار

وصليل السيوف

فأنا لا اريد لقصائدي

ان تكون منهكةً

كما لو أنها خرجت تواً من الحرب

ومن حروفها تقطر الدماء

وصيحات الجرحى

ليس لي إلا أن اغلق نافذتي

وايقظ  في رأسي

شجرة الماضي

اهزّها فتسّاقط الذكريات

واكتب عن حبيبتي

حبيبتي التي ما زال عطرها الزكي

يطارد قصائدي

عطرها الذي كان يجذبني إليها

كي اضمّها الى صدري

فتفلت من بين ذراعي

مثل ظبيٍ شرس

ولكني لا اريد لقصيدتي

أن تكون شرسةً

إنها الحيرة

وليس لي راية اسير خلفها

لأخرج من متاهتي

قال احدهم :

اكتب عن البلاد

إنها فكرةٌ جميلة

أن اكتب عن بلادي

ولكن كثيرون من كتبَ عنها

فبتلعتهم قصائدهم

وخرجوا منها من غير بلاد

فأين القصيدة التي سأكتبها

كلمّا ذكرت بلادي

امتلأ فمي بالماء

وتعطّلت الكلمات

وكلما حاولت أن اكتب القصيدة

اخرج  منها

وخاصرتي مثقلة بالطعنات

لهذا ساترك قصيدتي

يكتبها عن البلاد

شاعرٌ يأتي من بعدي

علّه يرى زمناً صالحاً للشعر.

***

شعر: طلال الغوّار

في نصوص اليوم