نصوص أدبية

نضال البدري: الوردة الحمراء

شقت طريقها بجسدها النحيل وقوامها الممشوق كعود خيزران يتلوى بين طرفي الكراسي الممتده على جانبي الباص لتجلس في الصف الاول قبالة الكراسي المخصصة للعجزة وكبار السن، كان بين الركاب رجل كبير يناهز عمره السبعين عاما يعتمر قبعة بنية اللون وبدله انيقه يعلو جانبها الايمن جيب صغير محشور داخله منديل ابيض، حليق الذقن ببشرة بيضاء تقطعها اخاديد صغيرة وشعيرات دموية رفيعة تحاكي عدد عدد سنين عمره. اومأ برأسه محيا اياها مع ابتسامة كشفت النقاب عن طقم اسنان ابيض كان بارزا مكتسحا ملامح وجهه الباهته.

ابتسمت له هي ايضا، مزفرة بعد لهاث خلف لحاقها بالباص. ململه خصلات شعرها بمشبك حبسته بين اسنانها مما جعلها تبدو كلوحة.

سحره جمالها وسرح معها بعيدا. أعادته الى ذكريات كانت نائمة، لأيام شبابه والى وجه زوجته الذي كان قريب الشبه بوجه تلك الفتاة.

كان يحمل بيده باقة من الزهور البيضاء بينها زهرة واحدة حمراء، لفتت نظرها وبدت لها حاله غريبة لمن في مثل سنه، راحت تختلس النظر اليها محدثه نفسها " لمن ياترى تلك الباقة ".

شعر بها وبنظراتها التي حاولت ان تخفيها انحنى بجسده الى الامام مقدما لها باقة الورد.

هل اعجبتك؟ خذيها انها لك

قالت له: أه شكرا جزيلا جميلة تلك الباقة لمن كانت هل تعود مريضا؟

كلا: انها لزوجتي

انها جميلة جدا لم تضم وردة واحدة حمراء؟! دون باقي الورود البيضاء الاخرى؟

- ابتسم قائلا سأجيبك على سؤالك: البيضاء تعني الحياة

والحمراء تعني الحب

- وهل مازال الحب بينكما قائما بعد هذا العمر الطويل

- نعم: بل ازداد اكثر

- ألم يهديك احد باقة ورد؟!

- ابتسمت ابتسامه خجوله واطرقت لا.

-  كيف لن يهديك احدا وردا ؟! الم يفطن احدهم لهذا الجمال يا أبنتي!!!

- مارايك: ان تقبليها مني هدية واكون اول من يهديك وردا

وضعت كفيها على فمها بتعجب... وزوجتك؟

ماذا ستقول لها؟ الم تغضب منك

- لاعليك: سأتدبر الامر لن تغضب ابدا.

قدم لها الباقة مبتسما لها ونهض بعد وصوله الى محطته شكرته جدا، وقف الباص لحين صعود ونزول الركاب بقيت تتابعه  حين سار وترجل من الباص كان المكان حيا قديما يضم  بين منازله سياجا طويلا ضم داخله قبورا بدت رؤوسها واضحة للعيان  سار داخلها الى ان اختفى متلاشيا بين القبور.

***

نضال البدري

 

 

في نصوص اليوم